المقالاتد. خالد محمد باطرفي

السعودية الجديدة

“ما يجري في السعودية؟، أشياء كثيرة تحدث في نفس الوقت. لماذا الآن؟ ما الذي تحاول إثباته للعالم؟ أو لأنفسكم؟“ يسأل صديقي اللبناني، ويوضح: ”في الآونة الأخيرة، نظمتم بطولات رياضية، شطرنج وبالوت، ماراثون دولي، سباقات نسائية، عروض أوبرالية وحفلات غنائية وموسيقية عربية ودولية، سينما، مسرح، وأخيرًا أكبر مناسبة مصارعة عالمية، رويال رمبل 2018 بمشاركة خمسين نجمًا دوليًا، وعدد من المصارعين السعوديين الواعدين.

”وقبل أيام وضع الملك سلمان حجر الأساس في قرية ترفيهية بالقرب من الرياض تعتبر الأكبر من نوعها في العالم. (ينافس المشروع الذي تبلغ مساحته 334 كلم مربع والت ديزني، ويضم منتزهات وملاعب ومنتجعات وفنادق، وهو واحد من ثلاثة مشاريع سعودية، تشمل مشروع نيوم ومشروع جزر البحر الأحمر أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان).

”هذه تحولات جذرية هائلة،“ يضيف صديقي المثقف والإعلامي الكبير، ”ومع كل ذلك، يبدو أن هناك المزيد من المفاجآت والتحولات في المستقبل القريب. كل هذا تحقق ويتحقق خلال سنوات قليلة! ما الذي يجري عندكم؟ هل قررت السعودية أن تغير طبيعتها دفعة واحدة؟ هل ستستمر هذه الظاهرة؟ وهل يستطيع مجتمعكم استيعاب كل هذا التغيير؟“

قلت له: ببساطة، نحن نريد فقط أن نستعيد عقودًا من حياتنا حرمنا فيها من متع الحياة وفرص الإبداع والتطور. واليوم نشعر بأن سراحنا أطلق أخيرًا لعرض قدراتنا ومواهبنا في فضاء بلا حدود له وبلا قيود عليه.

لقد كان السؤال الذي أزعجني عمرًا هو كيف تكون لدينا موارد بشرية مدربة وطموحة وحيوية، وثقافة عريقة وحافلة وغنية، وبلاد غنية بالثروات الطبيعية غير المستغلة، ولا نحقق ما حققه غيرنا بإمكانيات أقل؟

لسنا حديثي عهد بالحضارة والريادة والقيادة، فقد بنى أجدادنا إمبراطورية امتدت من أبواب باريس إلى سور الصين العظيم. ومدننا المقدسة أنارت العالم على مر العصور، وألهمت مناراتنا بلايين الخلق بالكتاب الذي حملناه إليهم، والرسالة التي أبلغناها، والمقدسات التي تشرفنا بخدمتها. ولم يجد هؤلاء غضاضة في اتباعنا والإقرار لنا بالمكانة والفضل.

واليوم حان الوقت لكي نحيي إرثنا العظيم، ونطلق مشكاة النور التي قادت دروبنا، ونستعيد المشاعل من أولئك الذين اختطفوا الإسلام وحوروا القرآن٬ وقادونا إلى الظلام والجهل والتطرف.

قد يتحمل الناس ثقافة الزهد والانغلاق والبؤس إلى حين. وقد يتعايشون مع غياب البسمة والفرحة والحبور سنوات. وقد يتقبلوا الكآبة والخوف وثقافة الموت ردحًا من الزمن. ولكنهم سيستيقظون يومًا إلى حقيقة أنهم يستطيعون أن يعيشوا حياة أجمل ويقدموا لآخرتهم بنفس الوقت. وإن لم يكن ذلك لأنفسهم، فلن يحرموا فلذات أكبادهم من حقهم في الرخاء والسعادة.

هناك جيل جديد يريد التغيير، يطالب بالتغيير، وسيحقق التغيير. ففي عالم ”القرية الواحدة“ لا يمكنك بناء ”سور حديدي“ حول عقولهم وقلوبهم. فمهما غيبت من الحقائق الكونية، فسيكتشفونها، وسيقاتلونك للخروج من القفص الذي سجنتهم فيه، وسيلتحقون، شئنا أم أبينا، بقاطرة التاريخ، وركب العالم الجديد.

المرح ليس ذنبًا، والفرح ليس خطيئة، بل طبيعة خلقنا الله عليها. وقد وجهنا صلوات الله وسلامه عليه بالترفيه (روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت)، ولم يحرم صاحب الرسالة الشعر والغناء والرقص والرياضة والدعابة والمزاح. وبقدر ما ذكرنا بالموت، شجعنا على الحياة (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا)، وعمارة الأرض التي استخلفنا عليه، وأمرنا حتى لو قامت الساعة وفي يد أحدنا فسيلة فليغرسها. فكيف نكون على سنته إن خالفناها؟

ينبغي على القائد الحكيم أن يستوعب تطلعات شعبه، وأن يكرس حياته المهنية لتحقيق أحلامه، وعليه أن يوفر لطموحاتهم ومطالبهم ومبادراتهم مسارًا آمنًا ومنضبطًا، بقدر ما هو يكون منتجًا ومفيدًا. وهكذا قرر ولي أمرنا الملك سلمان، وولي عهده الأمين، محمد بن سلمان، أن يستعيدا للأمة الإسلامية المفاهيم الحقة، وأنا يقودا مركبها إلى طريق الأمل والحرية والبناء، وأن يحققا لشعبهما التنمية والتقدم .. والسعادة. هذه، سيداتي سادتي، هي المملكة العربية السعودية الرابعة!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button