هَبْ أنك أوتيت من الكنوز ما لم يُعْطَ قارون، وأن حولَك من الحراس والخدم والجنود ما يفوقُ عددَ الطير ويحجبُ عينَ الشمس، وهَبْ أنك من أعرقِ الأسرِ نسبًا وأوفرها جاهًا وأوسعها مُلْكًا وأرقِّها ثِيابًا وأنعمِها خَدًَّا ويدًا، وهَبْ أنك تتنعَّمُ في قصرٍ مَشِْيدٍ، تجري بين خمائله وأشجاره أنهارٌ وينابيعُ وجداولُ من لجينٍ.
هَبْ وَهَبْ، ثم هَبْ وَهَبْ، إن كلَّ هذهِ النعم والمنح والعطايا لن تضعَك ولو حرصت في سويداءِ قلوبِ البشر، ولن تجدَ لك في ثناياها موْضِعَ شِبْرٍ ولا أقلَّ من ذلك؛ إنْ كنتَ نَزِقًا مُكْفَهِرَّا مُقَطِّبَ الجبين، متغطرسًا مُتَجَهِمًَا مُتَعاليًا، سيكره الملأ مقامَك وسيمجون حديثَك، بل ستغدو في نظرهم أقبحَ وأشنعَ وأشأمَ من غُرابِ البَيْن، فانتبه.
من الذكاء الاجتماعي أن تجذِبَ الآخرين إلى ساحتِك ودارِك وجوارِك بعفويتك وبشاشتك ولينِ معشرك، أن تغمرهم دومًا وأبدًا باحترامك وتقديرك لذواتهم، أن تساعدَ ضعيفَهم وتسُدَّ رمقَ جائِعِهم قدر استطاعتك، أن تتقبلَ آراءهم بصدرٍ رحبٍ، أن تمنحهم الثقةَ حتى تطمئن أفئدتهم، دون وصايةٍ وتنمُّرٍ وشدَّةٍ وقسوةٍ وجفاءٍ.
الأفلاج -ليلى