ما إن يبدأ يقترب شهر رمضان المبارك من العد التنازلي لحلوله حتى تبدأ الجهات المختلفة في المجتمع الاستعداد الجاد، وبذل الإمكانيات اللازمة، والقيام بتطبيق الخطط الملائمة لهذا الموسم الديني. فتجد اللجان الرسمية وبالتنسيق مع الجهات الخيرية في تهيئة الأماكن المناسبة للمقاصد المتعددة من إفطار الصائمين وتقديم السقاية. وتجد التسابق على الخير في شهر الخير على أشده. وهذا الشهر المبارك يتميز عن غيره من الشهور بروحانية جميلة، وصفاء نفس، وتقديم العطاء للمحتاجين في أقصى درجاته. ولذلك لا غرابة أن يطلق على هذا الشهر سيد الشهور. بل لما يلاحظ فيه من الاطمئنان والسكينة ما يجعلنا أن نأمل أن تكون السنة كلها رمضان. كيف وقد أنزل فيه القرآن الكريم على سيد الخلق محمد صل الله عليه وسلم.
ومن قصصص الخير القديمة المعروفة في هذا الشهر الفضيل قصة شيخ قبيلة جهينة الشيخ سعد بن غنيم – يرحمه الله- عندما قصدته امرأة في طلب العفو عند الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – عن ابنها بعد أن أعتذر الكثير من الشيوخ عن تلبية حاجاتها؛ لعدم مقدرتهم الشخصية. فما كان من بن غنيم إلا أن وعدها خيرا بالشفاعة الحسنة، ولكن حينما دخل على الملك نسي اسم ابنها وقد عرف الملك بحاله وأنه مهموم لأمر جلل، ونظرا للاحترام والتقدير الذي يجده عن المؤسس فقد طلب الشفاعة في جميع المساجين فاستجيب لطلبه وأصبحت سنة حسنة في إطلاق سراح المساجين في شهر رمضان المبارك. وعلى العكس تماما تجد أشياء أخرى مخالفة لمقاصد شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران تبرز بوضوح من مناشط فنية وتسويقية وغيرها بحجة أن رمضان سوق مناسب لمثل هذه الفعاليات .
إن علينا جميعا اغتنام هذه الهبة من المولى عز وجل المتمثلة في شهر الخير ؛بمضاعفة الحسنات من قراءة القرآن الكريم والقيام بأداء الصلوات الخمس جماعة وصلاة التراويح وصلاة التهجد وزيارة الأرحام والعفو والصفح عن كل مسيء وتقديم كل أوجه الخير وعلى قدر الاستطاعة. فالأجواء الإيمانية الجميلة في هذا الوقت من حيث انشراح الصدر والإقبال على الطاعة . عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ” وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)) جعلنا الله وإياكم من المقبولين الفائزين.