نحمد الله سبحانه وتعالى أنه سخر لنا دين الإسلام، الذي هو دين سماحة ويسر، متّسمًا بمنهج التدرّج في التشريعات والعبادات.
ونحن نعيش هذه الأيام عبق شهر رمضان الكريم، نتدبّر قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فالصوم في الإسلام كان في بدايته اختياريًا، فهناك من كان يصوم، وهناك من كان يطعم عن كل يوم مسكينًا.
وكما تشير الآية الكريمة، فإن الصيام قد كُتب على كافة الأمم السابقة، ولم يكن مختصًا فقط على أمة محمد، فقد قيل إن أول من صام من البشر هو آدم عليه السلام، وقيل أيضًا إنه نوح عليه السلام وذلك بعد ما نجّاه الله من غرق سفينته في البحر، وقوله صلى الله عليه وسلم: “إن أفضل الصيام صيام داود: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا”.
وللشيخ محمد متولى الشعراوي يرحمه الله رأيًا خصه لهذه الآية الكريمة، حيث ذكر أن الصيام قضية إيمانية ثابتة خص الله بها المؤمنين، لاتتغير بتغير العصور، ولاتختلف باختلاف الأزمنة لأن هناك قضايا عقائدية وأخرى تشريعية متساوية في كل العصور، وأن مبدأ الصوم واحد لا يختلف باختلاف الديانات، وإنما يختلف بمنهجه وتشريعه من أمة لأخرى.
وقد فُرض صيام رمضان في الإسلام في السنة الثانية من الهجرة؛ وذلك بعد نزول قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
عندها أصبح صيام شهر رمضان واجبًا وفريضة على كل مسلم بالغ، عاقل، قادر، وبالتالي يجب على المسلم صيامه كاملًا إلا إذا وجدت له الأعذار الشرعية المقبولة.
وللصوم أهداف عظيمة وجليلة، أهمها أنه يفتح باب التقوى والمغفرة والتوبة ومضاعفة الأجر والحسنات، كما أنه صحة للبدن والجسد.
أسأل الله العظيم لي ولكم أن يتقبل صيامنا وقيامنا، وأن يعتق رقابنا من النار، وأن يعيد علينا شهر رمضان أعوامًا عديدة.