يعد الفسادُ على مختلفِ أشكالِهِ وأطرِهِ حجرَ عثرةٍ أمامَ كلِّ الأمم في قديمِ التاريخِ وجديدِهِ، وبانتشارهِ وذيوعِ صيتِهِ تخسرُ البشريةُ جمعاءُ أعظمَ وسائلِ النماء الحضاري، وتفْقِدُ بلا أدنى شكٍ أقوى وأنفذ مقومات الرقي والازدهار.
ومن المعلوم بالضرورة أن الفسادَ مُعْضِلةٌ شائكةٌ مُهْلِكة، بل ومُحْرِقَةٌ لايُحْتملُ أوارُها، لذا فإن الجميعَ معنيون بمحاربته والتصلي له، وعليهم لزامًا أن يستعينوا بعد الله بأعتى الأسلحة الفتاكة للتغلب عليه والحد من نفوذه وتغلغله.
ولو أمعنا النظر مليًا في حال من وقع بساحتهم هذا الداء العضال لأدركنا حجم المعاناة والمآسي التي لحقت بهم، فلا ليلهم راحةٌ وسكينةٌ ولا نهارهم سعيٌ وعملٌ، تكادُ الفوضى العارمةُ تعصِفُ بهم وتجْتَاحُ بيضَتهم بلا رحمةٍ ولا شفقةٍ.
وحتى نستأصِلَ شَأفةَ الفسادِ ونقضيَ على مجامعِ قوته قضاءً مبرمًا فلْتُعْهَدْ المهامُ الجسامُ إلى أهلها، ممن يتصفون بالعدلِ والإنصافِ من أنفسهم أولًا، وممن يحملون همَّ الأمة ثانيًا، فهم من يراقبُ اللهَ ويخشاه في كل قولٍ وعملٍ، يسعون بجدٍ وحرصٍ شديدين على تجويدِ أدائهم بكل مهارةٍ وحرفيةٍ وإبداعٍ منقطعِ النظيرِ، بعيدًا على الصخب الإعلامي وعويله الذي لايغني ولايسمن من جوع.