هناك مثل شعبي شهير يقول: (بعد ماشاب، ودوه الكتاب) أظنه لا يخفى على الجميع، وقد سبق لي أن تناولت الكثير من الأمثال المحبطة في برنامجي اليومي بعنوان “فكرة” الذي قدمته في قناة الرسالة الفضائية خلال العامين الماضيين.
هذا المثل وغيره من الأمثال الكثيرة في حياتنا هدفها الرئيسي ـ في ظني ـ توليد حالة من الإحباط لدى الإنسان، وتدمير الطموح، فكيف أعيب على إنسان لم يحالفه الحظ للدراسة أن ينهل من العلم، وأن يسعى لتطوير ذاته في هذا الجانب، هذا يعني في العرف السائد نوع من الأنانية، أو الحقد أو الحسد، وهو ضد الطموح.
أتحدث هنا عن تجربة شخصية، حيث كنت أعمل مديرًا لمكتب صحيفة “المدينة” بالطائف، وأتولى 3 مهام، إدارة المكتب بفريقه التسويقي والإداري، وكذلك الإشراف والمسؤولية الكاملة عن نشاط المحررين والمحررات، والمهمة الثالث، مهمتي كمحرر ميداني يتطلب مني التغطية الميدانية لبعض الموضوعات، كنت وقتها لم أكمل الشهادة الثانوية، لانقطاعي عن الدراسة لأسباب وظروف حياتية، وقف إلى جواري حينها عدد من الأصدقاء النبلاء على رأسهم أستاذي وصديقي البرفسور عايض الزهراني الذي حفزني على إكمال الثانوية وأنا في الخامسة والعشرين من عمري، وكان يتبقى علي وقتها مرحلة الثالث ثانوي حيث التحقت بثانوية المعالي الأهلية لدى أستاذي العزيز الدكتور عايض الثبيتي الذي هو الآخر كان محفزًا وداعمًا، والتقيته بعدها بعام هو ود. الزهراني في كلية المعلمين عندما وقف إلى جواري أستاذاي البرفسور عالي القرشي، والدكتور محمد قاري للتسجيل للدراسة في الكلية، لإكمال مرحلة البكالوريوس معلمين، هؤلاء النبلاء آمنوا وقتها بأهمية دعم وتشجيع الطموح والطموحين، وحتى أكون منصفًا، هم من القلة الذين لهم بصمات كبيرة على الكثيرين من أبناء الطائف الذين تقلدوا مناصب مهمة، وكان لهم دور في خدمة الوطن في الداخل والخارج.
اليوم وبعد حصولي على درجة الماجستير، وأنا ألتمس الرغبة في نفسي لإكمال الدكتوراه ـ طموحي الذي حلمت به وأنا في سن المراهقة ـ أؤمن تمامًا بأن علينا أن نسعى لتحقيق طموحنا مهما بلغت من الكبر، وهو ما يتعارض تمامًا مع المثل المدمر للطموح (بعد ماشاب ودوه الكتاب)، فكرتي عن نفسي أن أتقاعد عن العمل يومًا ما وأنا أحمل شهادة الدكتوراه خيرًا لي من البقاء بالشهادة الثانوية أو المتوسطة التي بدأت حياتي العملية بها، أن أظل أدرس وأبحث ـ وأنا محب للبحث ـ حتى آخر لحظة في العمر أهم وأجمل من البقاء عاجزًا عن عمل شيء ما، طبعًا هذا الكلام ينطبق على كل إنسان طموح وفي أي مجال كان، وليس فقط في مجال إكمال الدراسة، هناك عباقرة لا يحملون شهادات أكاديمية لكنهم أضاءوا حياتنا، وغيروا في التاريخ البشري قاطبة.
قبل الختام دعوني أذكر لأصحاب الفضل فضلهم وكرمهم، حيث أقول شكرًا لمعالي محافظ الطائف الأسبق فهد بن معمر، ومن وجدت كل الدعم والترحيب منهم لإكمال دراساتي العليا معالي مدير عام جامعة الإمام الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل، وكذلك الصديق الحميم البرفسور عبدالله العساف أستاذ الإعلام السياسي بالجامعة، والبرفسور عبدالله السكران رئيس قسم أصول التربية بالجامعة.
أتمنى أن نعمل جميعًا لخدمة الشباب ولمساعدتهم على تحقيق طموحاتهم، والوقوف إلى جوارهم، وبكل بساطة أن تسعى عمرًا كاملًا نحو هدف خير لك من كنوز الدنيا؛ لأنك سوف تشعر وقتها بقيمة ما حققت.
شكرًا لكل من وقف معي أو تواصل معي أو هنأني بهذه المرحلة التي اجتزتها، والتي اعتبرها بداية طريق طويل في مجال البحث والمعرفة وتطوير الذات.
• كاتب ومستشار إعلامي.