يبدأ الشهر الفضيل ومع بدايته تتسارع القنوات لعرض أحدث المسلسلات والبرامج الرمضانية على حد قولهم، فنجد على مائدة رمضان طايع، رحيم، مليكة، وعوالم خفية من الجانب المصري، والعاصوف، والمواجهة، وعطر الروح وغيرها من الجانب الخليجي والكثير الكثير. ناهيك عن برامج الطبخ المتنوعة التي توحي بأن رمضان ما كتب إلا لنتفنن في أنواع الطعام والطباخات والحلويات. ولا ننسى المسابقات الرمضانية المتساهلة التي تهدف إلى فوز المتصل بأي شكل من الأشكال ومع كل المساعدات الممكنة، وكأن الصائم يحصل على مكافأة صيام النهار.
لنخرج في النهاية بخريطة مليئة ومزدحمة بالكثير من المسلسلات والبرامج الخفيفة مع اختلاف لهجاتها. وفي الجانب الآخر نجد القائمين على هذه الأعمال من شركات إنتاج وأبطال التمثيل والمخرجين يتابعون بكل اهتمام نسبة المشاهدة، ونسبة الإقبال، والثناء على ما قدم. منتظرين نهاية رمضان ليتم اختيار أفضل عمل تلفزيوني رمضاني، أفضل ممثل، أفضل قصة، أفضل وأفضل و أفضل… وفي خضم انتظارهم تأتي الإعلانات التي تختطف الأنظار وتستبقي المشاهد لمتابعة الإبهار في الإعلان،
وبذلك تتغير المعايير الإعلامية فالمشاهد الذي يهرب من مشاهدة المسلسلات بسبب تقطيع الحلقة الواحدة أكثر من مرة لحشر الإعلانات بينها؛ مما تسبب في انقطاع الانسجام وبالتالي المتابعة، أصبح يركز مع الإعلان المحشور أكثر من المسلسل المبتور.
ومع أننا لازلنا في أول أيام رمضان إلا أنه يمكننا أن نقول إن الفائز في الخريطة الرمضانية هو الإعلانات التجارية على القنوات المصرية التي قدمت بشكل مميز حيث تم استغلال المناسبات المختلفة مثل كأس العالم، رمضان، القضايا السياسية والجمعيات الخيرية بشكل احترافي، تحول معها الإعلان إلى مسلسل لا يتجاوز الثلاث حلقات يصور بشكل جذاب، وبشخوص لها جمهور وقد كان لإخواننا المصريين بصمة واضحة. فبدل أن ننشغل بمتابعة المسلسلات انشغلنا بمتابعة الإعلانات التي تظهر لنا في كل مكان، في الجوال، التلفاز، اليوتيوب … إلخ. والتي يكون صعب تفاديها أو تخطيها..
من الإعلانات الجذابة التي شدت الانتباه إعلانات شركات الاتصال المصرية، مثل فودافون، والاتصالات، ففودافون قدمت إعلانًا متميزًا أظهر عددًا من لاعبي الكرة في الحلقة الأولى التي عرضت في اليوم الأول والثاني من رمضان، ومن ثم ظهور الممثلين في الحلقة الثانية أو التكملة للإعلان والتي عرضت في اليوم الثالث والرابع، الإعلان جذاب في الفكرة والتصوير والموسيقى والأغنية ونوعية الأشخاص الفنية والكروية المشاركة.
وأصبح المجال مليئًا بالمنافسة فهذه تورنيدوا تعلن عن منتجها من خلال حلقات بوليسية ويكتب فيها الحلقة الأولى والحلقة الثانية وننتطر الثالثة والرابعة.. فهم كونوا قصة نعيشها معهم ونستمتع بها..
كما تظهر شركة أي سيتي في إعلان عبارة عن فوازير في حلقات قصيرة جدًا، الفزورة الواحدة ترسخ في ذهن المشاهد مزايا المنتج، وتجعل المواطن المصري ملتصقًا بالشاشة إلى نهاية رمضان.
وبالإضافة إلى باقات الإنترنت وي وأورانج. فإعلان أورانج رائع استغل رمضان كتجمع ورسخ في عقول المشاهدين أهمية الجار والرغبة في عودته من خلال أنشودة (جاري ياجاري) . وإعلان طلعت حرب الذي يهدف إلى تقوية الشباب وحثهم على تحقيق أحلامهم من خلال قرض وكانت اغنية (تقدر تعمل أي حاجة).
وكذلك إعلانات العقارات المصرية التي بدت مميزة ومبهرة في الطرح، وكذلك الجمعيات الخيرية والمستشفيات. جميعها حرصت على استخدام فنانين لهم شهرة وصورت إعلانات مبهرة في الإخراج والإضاءة والديكور.
حتى أضحى الإعلان عبارة عن قصة لا تتعدى الدقيقة وقد تقسم إلى حلقات. قدمت لنا الفنانين بشكل مختلف وهي مصلحة مشتركة لرفع المنتج من خلال اسم الممثل/ الممثلة والفائدة المالية العائدة على الفنان/ الفنانة خلافًا إلى التواجد خلال شهر رمضان حتى لو لم يكن له عمل فني مشارك به.
في الحقيقة شركات الإعلانات التجارية المصرية وظفت المناسبات في إعلاناتها كما وظفت الفنانين بشكل مميز. فنجد كلمات جيدة ولحنًا جميلًا جاذبًا يرسخ في مخيلة المشاهد، وكذلك نص كُتب بعناية آخذين في الاعتبار رغبة صاحب الإعلان واحتياج المشاهدين، حتى أضحى الإعلان لا يقل أهمية عن الأعمال الدرامية الأخرى فهو قصة قصيرة جدًا وكأنها حقنة مركزة المفعول.
وهذا جعل المشاهد يتساءل ليس عن المنتج المعلن عنه وإنما أيضًا عن شركة الإعلان التي تقف خلف الإبداع المرئي الذي نراه.. وإذا استمر العمل على هذا المنوال فإن شركات الإعلان سيكون لها شهرة وجمهور ينتظر جديدهم من وقت إلى آخر.