وأنتَ تقلّب صفحات الهاتف بيديك لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في هذا العالم، وتراقب الساعة لحظة بلحظة قبل موعد الأذان المعروف مسبقا لديك، لممارسة الطقوس الرمضانية التقليدية، من الجميل أن تطلع على ثقافة رمضان وذكرياته في بعض مناطق المملكة.
وصحيفة “مكة” الإلكترونية، تأخذ قراءها في جولة قصيرة إلى تلك الذكريات، إلى رمضان في منطقة الباحة قبل سنين طويلة بحوار شيّق مع عضو مجلس منطقة الباحة والنادي الأدبي سابقا الأديب علي صالح الزهراني.
وفي بداية اللقاء، تطرق الزهراني إلى أصل السكان في منطقة الباحة والتي تشكلت من قبيلتين أزديتين هما غامد وزهران واللتان كان لهما السبق في صدر الإسلام وكان لها السبق في عهد الملك الموحد صقر الجزيرة عبد العزيز طيب الله ثراه.
وأضاف “هذه المنطقة أنا معجب بالحديث عنها ، وعن ذكرياتي مع أولئك الرجال العظماء الذين صح فيهم قول الشاعر
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا رجال المحافل
وتابع الزهراني “كان أهالي الباحة ينتظرون رمضان بفارغ الصبر ويدعون الله ليلا ونهارا أن يبلغهم رمضان ذلك الشهر الذي كانوا يستعدون له حسب الظروف الاقتصادية التي كانت أقل من القليل، يقتنون الأبقار والأغنام للحليب واللبن والسمن وكذا يستعدون بالتمر يحضرونه وقت القطاف من تربة البقوم أو بيشة على الجمال والدواب ويختزنونه استعدادا لرمضان”.
واسترسل الزهراني، “كانوا يقومون بطحن الدقيق على الرحى من حبوب مزارعهم التي أنتجت ذلك العام ومنها القمح والذرة والشعير والدخن وأنواع تنتجها مزارعهم، كما كانوا يجمعون الحطب بكميات كبيرة لاستخدامه في طبخ الطعام، وكما كان الميسورون الذين لديهم أوقاف يبيعون حبوب مزارعهم ليقتنون بها تمرا ويقدمونه للصائمين بالمسجد عند أذان المغرب”.
وأردف “أذكر أصحاب الأبقار الذين تنتج أبقارهم السمن والحليب واللبن يقومون بتوزيعه على جيرانهم طيلة أيام الشهر وكان أهل القرية يجتمعون بالمسجد يفطرون ويصلون المغرب وثم يعودون إلى منازلهم لتناول العشاء ثم يعودون لصلاة العشاء والتراويح بالمسجد وكانت أنوار المساجد في ذلك الوقت عبارة عن فانوس أو لمبة تشبه الشمعة ذات نور خافت وإذا انتهت الصلاة عادوا إلى بيوتهم للنوم وقبيل يوقظ بعضهم بعض للسحور على الميسور الموجود بالبيت ثم يؤدون صلاة الفجر وبعدها كل يذهب إلى عمله سواء بالمزارع أو في الأسواق، كل قائم بعمله إلى قرب المغرب ويعودون لبيوتهم لتناول الإفطار وهكذا كل يوم”.
واستدرك الزهراني “مع قرب انتهاء الشهر يقوم الشباب بجمع أحطاب بكميات كبيرة على رؤوس الجبال لإقامة مشعال العيد الذي يعلن فيه انتهاء الشهر وبداية أول أيام شهر شوال حيث يرقص الأطفال والشباب حول تلك النار ابتهاجا بالعيد ومراسم العيد كثيرة منها لبس الجديد أن توفر وزيارة الأقارب والجيران حيث يعد كل بيت من البيوت وجبة فطور لاستقبال أهالي القرية الذين يأتون إليهم للمعايدة والسلام عليهم وإهدائهم العيديات”.