مما لا شك فيه بأن العمل الخيري سواء بصورة فردية أو صورة جماعية مؤسساتية أو أهلية يعتبر من الأعمال التي دعا إليها الدين الإسلامي بالذات بل وجميع الديانات لأن ذلك فيه لب تكافل المجتمع الإنساني والبحث عن المعوزين وسد حاجتهم سواء المادية أو العينية من خلال ما يقدم لهم لحفظ ماء وجيههم من سؤال الغير بحثا عن سد تلك الحاجة لدى الفقراء والمساكين ومن في حكمهم .
وقد جاء في أهم الأهداف للعمل الخيري إرضاء الله وابتغاء الأجر والثواب من خلال مساعدة الآخرين بما يضمن لهم حياة كريمة كقيمة إنسانيةتدعو للتكافل والتعاون على البر من هنا جاءت تسمية جمعيات البر الخيرية التي تنتشر في بلادنا بشكل واسع تحت مظلة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
ومما اطلعت عليه قبل عامين تقريبا أن قرابة 850 جمعية خيرية تتبع الوزارة من بينها 400 جمعية بر خيرية مسجلة لدى الوزارة تقدم الوزارة مليون ريال لكل منها لدعم العمل الخيري وفقا للائحة المنظمة المعتمدة من المقام السامي .
ومما يتبع الإحصاءات حسب 1437هـ أن أكثر من 5000 عضو في مجالسها الإدارية وعدد الأعضاء يزيد عن مائة وخمسين ألف عضوا كما يعمل في هذه الجمعيات نحو 16 ألف عامل وأن هناك جمعيات نسائية تشكل 5% من العدد إلى جانب جمعيات صحية وجمعيات الزواج الجماعي وجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة واتضح من التقارير أن أكبر منطقة تحوز على العدد الأكبر هي الرياض بواقع يزيد عن 160 جمعية ومؤسسة خيرية وورد في التقرير المشار له أن الدولة من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية ترصد أكثر من أحد عشر مليار ريال لوكالة الضمان الاجتماعي يتم صرفها للمحتاجين الذين يمثلهم الأيتام والنساء المطلقات والأراملوذوي العجز الكلي ووحالات الرواتب وحاملي بطاقات التنقل .
ما يهمنا هنا منطقة الباحة إذ لم يرد عدد جمعيات البر الخيرية في الباحة ضمن التقرير المنشور قبل عامين تقريبا وبمتابعة نشاطها في المنطقة أعتقد أنها تصل إلى 22 جمعية بر خيرية إلى جانب أربع جمعيات تخصصية ومثلها تعاونية تدعم بما يزيد ‘ن خمسين مليون ريال إلى جانب 27 لجنة تنمية اجتماعية الأهلية تدعم بأكثر من 15 مليون ريال وذلك حسب الإحصاءات 1436 هـ ومن هذا الموجز يتضح حجم الدعم الرسمي لهذه الجمعيات التي تعنى بالدرجة الأولى بسد حاجة كل من تنطبق عليه شروط الصرف من فئات المجتمع ولاشك أنه دعم سخي من الدولة فضلا عن الدعم الذي تتلقاه هذه الجهات من رجال الأعمال الموسرين من باب الصدقات والزكوات والهبات التي تقدم لاستكمال برامج هذه الجمعيات في العمل الخيري للمواطنين ممن لا يسأل الناس إلحافا بعيدا عن التسول الذي لم تسلم منه الأسواق والطرقات وحول المساجد وداخل القرى من فئات تعودت التسول أو من بعض المقيمين من بلدان منكوبة بالحروب .
طبعا نشكر كل القائمين على هذه الجمعيات من موظفين ومسؤولين وأعضاء مجالس ولنا أن نسأل سؤالا مشروعا نتمنى الإجابة عليه من الجهة المسؤولة عن هذه الجمعيات مفاده : هل تغيرت صورة الفقر بين المسجلين في هذه الجمعيات من غير ذوي الاحتياجات الخاصة واقصد من تصرف لهم الجمعيات تحت ما يسمى بالفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وغيرهم بحسب اللوائح المنظمة للصرف ؟
ثم هل وجود أرصدة مليونية لبعض الجمعيات في البنوك يعني أنهم محافظون على المال العام أم أن هذه الأموال وصلت من الأغنياء ومن الوزارة لسد حاجة هذه الفئة من المجتمع وأن بقاءها في البنك يكسب البنك الذي لم نسمع يوما واحدا أنه قدم ريالا واحدا لخدمة المجتمع وإنما يبيع ويشتري ويقرض هذه الأموال التي في الأصل هي للفقراء والمساكين الذين هم أحق بها ؟
وهل جميع من يعمل في هذه الجمعيات متطوعون أم يتقاضون رواتب شهرية على رواتبهم الأصلية فإن كانوا من المتطوعين فجزاهم الله خير الجزاء وإلم فليسمحوا لمن يبحث عن عمل ليحل مكانهم من الشباب العاطل فهم أحق بالصدقة والعمل؟
أعتقد أن هذه الجمعيات ولا أخص منطقة بعينها تحتاج لمراجعات في في نظامها وألية العمل والصرف وقوائم الفقراء في كل جمعية وتقييم وضعهم الاجتماعي والمادي وهل هم على قيد الحياة ؟ على أن يكون التقييم سنويا قبل رمضان بشهرين على الأقل ومعرفة نطاق كل جمعية وممتلكاتها العمرانية والتجارية وجميع ما يتعلق باستثماراتها لأنها تخص الفقراء والمساكين والمحتاجين وكلما يتوفر من مال في أرصدتها يعتبر حقوق لهؤلاء المحتاجين الذين لهم ظروفهم المعيشية وحتى لا يبقى الغني غنيا والفقير يزداد فقرا لابد من قيام لجان مكافة من الجهات المختصة للوقوف على الوضع ومحاولة صرف هذه الأموال بطريقة تحفظ لهؤلاء المحتاجين عيشا كريما بدلا من انتظار فتات هذه الملايين مع كل رمضان أو كل شتاء أو كل موسم ترى فيه الجمعيات صرف ما يسكتهم ولا يكفيهم .
نقطة نظام :
أموال جمعيات البر الخيرية لا تعتبر من الأموال المدخرة وإنما يجب صرفها على مستحقيها بدلا من رصدها في البنوك الجشعة والتباهي بهذه الأرصدة وإنما التباهي بتقليص أعداد المحتاجين حتى يظهر أثرها على أحوالهم المعيشية بشكل عام .