المقالات

الأمين وحصيلة المشوار (١)

انتقد عدد من الكتّاب مؤخرًا من خلال مقالاتهم الصحفية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أداء معالي أمين جدة المنتهية مدة خدمته لمدينة جدة مؤخرًا الدكتور هاني أبو راس. ووصل الانتقاد في بعض الأحيان باعتبار أن فترة ال ٨ سنوات التي قضاها في أروقة الأمانة هي بمثابة كابوس عاشته مدينة جدة حيث لم يسجل لمعاليه بحسب رأيهم ما يمكن وضعه في خانة الإنجاز . وأنا هنا وفِي هذا المقال وما يليه سأحاول أن أتطرق إلى أهم المآخذ التي أشار إليها الكتّاب الأفاضل في مقالاتهم مع ضرورة التأكيد على أنني ليس لدي أي معرفة بمعاليه، ولَم يسبق أن تشرفت بلقائه كما أنه ليس لدي أي مصلحة أو نشاط تجاري أو حتى منحة أرض وغير ذلك مما يرتبط بالبلدية وأعمالها فما زلت والحمدلله في خانة المستأجرين.

إن من أهم النقاط التي تناولتها الانتقادات هي قضية حال شوارع جدة مع مشاكل الهبوط والحفر والمطبات وغير ذلك؛ مما هو ظاهر للعيان وفِي هذا الشأن أودّ ان أوضح أن هذه المشاكل، وبالرغم من وجودها إلا أنها في الحقيقة لا تعتبر مشاكل بحد ذاتها يمكن التعامل معها بحلول جذرية، فهي في الحقيقة نتائج لمشكلة رئيسية ألا وهي مشكلة عدم توافر شبكة الصرف الصحي مما أدى إلى انتشار ظاهرة استخدام ما يسمى بالبيارات المسامية في كل أو معظم المنازل والعمائر المنشأة في مدينة جدة، ومنذ فترة طويلة مما أدى مع الزمن إلى ارتفاع منسوب المياه السطحية (وليس الجوفية كما يسميها البعض) . وهذا بدوره أدى إلى ظهور العديد من المشاكل التي نعاني منها في جدة حاليًا حيث هبوط الشوارع وتآكل طبقات الأسفلت، وظهور المستنقعات في الأحياء ووصل البعض في بعض المخططات إلى هبوط عمائر وإخلاء البعض خوفًا من انهيارها. وهذه النتائج بالطبع تؤثر وبشكل يومي على المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر.

إذا علمنا ذلك فإنني لا أعتقد أنه من الإنصاف تحميل معاليه خطأ عدم معالجة هذه الأمور وأنا أتحدث هنا عن معالجة المشكلة من جذورها وليس عمليات الترقيع التي تقوم بها البلديات هنا وهناك في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ وخاصة إذا ما علمنا أن المشكلة الرئيسة هنا ليست من ضمن صلاحيات البلدية خاصة في عهد معالي الدكتور أبو راس.

ولمعرفة حجم المشكلة الحقيقية فإن دراسة أعدت قبل حوالي عشرين عامًا – كنت ممن شارك فيها – قدرت تكلفة إنشاء شبكة صرف صحي متكاملة تغطي المملكة تصل آنذاك إلى ٧٠ مليار ريال، وقدرت الدراسة في حينها تكلفة أضرار عدم إنشائها بضعف هذا المبلغ. وقد أصدرت شركة المياه مؤخرًا دراسة جديدة وقدرت المبلغ اللازم لإنشاء هذه الشبكة حاليًا بما مقداره ١٤٠ مليار ريال ولكم أن تتخيلوا ومع أوضاع الشوارع الحالية إلى أي رقم ممكن أن تصل تكلفة عدم الإنشاء. إن ذلك يعطينا صورة حقيقية عن أساس المشكلة وعن حجم الأخطار المرتبطة بها، وعن ضرورة اتخاذ القرار من أعلى سلطة الهرم بحل هذه المشكلة حتى لا نصل لا سمح الله إلى مرحلة لا ينفع معه العلاج حينها. وفِي هذا الإطار فإني أطرح مقترحًا على حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- بأن يتم تصميم المشروع بالكامل مع وضع الأنظمة المتعلقة به من رسوم واشتراكات، وتحديد مستوى المعالجة ومجالات تصريف واستخدام المياه المعالجة والمنتجات التي يمكن الحصول عليها من مثل هذه المشاريع مثل الطاقة الكهربائية، وغير ذلك من الجوانب ذات العلاقة على أن يلي ذلك إنشاء شركة مساهمة خاصة بالمشروع يساهم بها صندوق الاستثمارات العامة كإنفاق استثماري مع طرح نسبة لا تقل عن ٥٠٪؜ للمواطنين للاستثمار في الشركة، والتي أنا على يقين بإذن الله أنها ستحقق عوائد جيدة سواءً على ميزانية الدولة أو على دخل المواطن، وهي تمثل أهدافًا لرؤية المملكة ٢٠٣٠ مع تحقيق الهدف المنشود من قبل الجميع وتوفير بيئة صحية للمواطنين.

أستاذ الاقتصاد كلية الأمير سلطان للإدارة بجدة

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button