المقالات

قرارات الحزم، نقلات مؤسساتية وأحلام تتحقق

منذ تولي سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم اعتاد مواطنو المملكة العربية السعودية على الاستيقاظ على قرارات إصلاحية حكيمة، تعددت وتنوعت، وهدفت بالدرجة الأولى إلى تحسين وتأمين الاقتصاد في السعودية، في فترة ما بعد الاعتماد على النفط، وأيضًا مكافحة الفساد، والحفاظ على المال العام، مستندة ـ على رؤية اقتصادية وحياتية ـ جاءت عبر استراتيجية مدروسة عرفت برؤية المملكة 2030، ويوم أمس كانت وسائل الإعلام تعلن عن موافقة مجلس الوزراء على تعديل بعض بنود نظام الخدمة المدنية، التي هي الأخرى تُمثل هاجسًا كان يشغل سمو سيدي ولي العهد الشاب النشط، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، الذي قرر في وقت سابق اتخاذ كافة التدابير التي تسعى إلى تحسين مستوى الإنجاز والأداء في القطاع العام الذي واجه جزءًا كبيرًا منه ترهلًا واضحًا، جعل الكثير من المواطنين يظنون ألا مناص من تحسين مستواه في قادم الأيام، وكانت الشكاوى تتوالى، من المستوى المتهالك الذي عانى منه القطاع العام لسنوات، وكانت وسائل الإعلام المختلفة وبالذات الصحف، وبعض الأعمال الدرامية تتناول هذا القطاع بكثير من النقد، وتوضيح كيف أن هذا القطاع لا يحقق خدماته للمواطنين بالشكل المطلوب، بل إن شكاوى المواطنين المقدمة لإمارات المناطق والوزارات هي الأخرى كانت مستمرة لهذا القطاع، محاولة كشف عواره، وما يعانيه من ترهل وفقدان الشهية في التطوير.

اليوم صدر قرار اعتبر في غاية الأهمية، ضمن القرارات الإصلاحية بعيدة الأثر على هذا القطاع، يتلخص هذا القرار في “ربط العلاوة السنوية بكفاءة الأداء وتقييم الأداء الوظيفي” ومثل هذا القرار لماذا يعد مهمًا، وفاعلًا؟ لأن أهميته تكمن من خلال النقاط التالية:

أولًا: إتاحة المجال للتفاضل بين الموظفين، بمعنى أن لا يظل جميع الموظفين سواسية، فيما يخص العلاوة السنوية المستحقة، الأمر الذي سيجعل هناك تمييزًا واضحًا بين الموظفين من أصحاب الأداء العالي، والإنجازية المتفوقة، وبين الموظفين الكسالى، الذين لا هم لهم سوى استلام رواتبهم في نهاية الشهر دون النظر أو التفكير في أي تميز.

ثانيًا: الخطوة السابقة سوف تحقق إنجازية عالية، وتخلق حماسًا وتنافسًا بين العاملين، يجعل كل موظف يحرص على أن يقدم أعلى ما لديه من أداء من أجل كسب المكافآت، والحصول على العلاوات، وفي ذات الوقت تكشف الضعاف أو غير المؤهلين.
ثالثًا: سوف تسهم في حرص الموظفين على المزيد من العطاء والتميز، وكذلك العمل على تطوير أنفسهم من خلال التدريب المستمر، والعمل على تحسين جودة الأداء.
رابعًا: حرص الموظف على تحسين جودة الأداء سوف ينعكس على المنتج النهائي الذي سوف يقدم للمواطن، مما يحقق مزيدًا من المكاسب الوطنية التي تأتي من خلال الأداء المتفرد خدمة للوطن والمواطن.

خامسًا: سوف يتم استبعاد ذوي الكفاءات الضعيفة أو الأداء المتدني في حال عدم قدرتهم على تحسين أدائهم أو تطوير أنفسهم، بل إنهم سوف ينكشفون ويتعرون أمام النظام الجديد.
سادسًا: مما لا شك فيه أن هذه الخطوات هي ضمن المشروع الوطني الجاد لتحقيق العمل المؤسساتي، والدولة المؤسساتية التي يسعى الجيل الشاب، في الحكومة الشابة في المملكة على الانتهاء منها في غضون عقد من الزمان.
وقد رافق هذا القرار قرار آخر وهو الانتهاء من الحكومة الإلكترونية، والتخلص من المعاملات الورقية، أو الأداء الورقي لدى كافة القطاعات والوزارات، وهذه الخطوة تُمثل أيضًا رافدًا مهمًا نحو تحقيق العمل المؤسساتي، وتحقيق المزيد من الإصلاحات، إلى جانب حوكمة الشركات، وإلى جانب الاستراتيجيات الوطنية المتعددة المرتبطة بسعودة الوظائف وإصدار أنظمة وقوانين مهمة في هذا الجانب لتحسين أداء السوق.

في الجانب الاجتماعي، هناك العديد من الإصلاحات التي لم يكن لها أن تحدث ما لم تأتِ أو تتم إلا من خلال قرار حكومي سيادي، على رأسها إشراك المرأة في العمل، وإعطائها كافة حقوقها الذي كفلها لها النظام مستندة إلى التقاليد والأعراف وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والتي منها حق المرأة في قيادة السيارة، وحقها في التنقل والعمل والدراسة، وممارسة حياتها الطبيعية دون قيود ولي الأمر الذي كان يتسبب في إعاقة المرأة ومنعها من كثير من الحقوق المشروعة لها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية والقانون والنظام، وبالتوازي مع كل هذه الإصلاحات جاء قانون التحرش ليحمي المرأة والطفل وكل ضعيف أو عاجز من أي تحرش كان، سواء أكان قولًا أو فعلًا أو إشارةً، أو تلميحًا، أو توبيخًا، وكل ما صاحب ذلك من تصرفات تستهدف الإضرار بالآخرين أو تجاوز الحدود معهم.
إننا نعيش نقلات إصلاحية كبيرة، علينا جميعًا أن نعيها، ونعي أهميتها، ونعي أنها ستكون ذات أثر واضح خلال سنوات بسيطة، فهو أثر اقتصادي واجتماعي، ووطني كبير.
حمى الله بلادنا من كل سوء، ووفق قيادتها الحكيمة لكل خير..

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button