الوثيقة الثانية:
وثيقة رقم (5/1ـ191) ورقمها في مجموعة الوثائق التركية (19533).
العنوان: رسالة من والي مصر محمد علي باشا إلى رئيس الكتّاب بشأن طلب الموافقة على الاتفاق المعقود بين طوسون وعبدالله بن سعود.
التاريخ: 27 شعبان 1230هـ.
جهة الإصدار: محمد علي باشا والي مصر.
الصادر إليه: رئيس الكتّاب.
نص الرسالة (صاحب الدولة والعناية والعطوفة والرأفة ولي النعم سورة الشيم حضرة سيدي وسلطاني.
كنت عرضت على الأعتاب السامية قبل وصولي إلى مصر بأن نصف (القصيم) على بُعد 8ـ10 مراحل من المدينة المنورة قد أضحى في يد ولدي طوسون باشا، والنصف الآخر في يد عبدالله بن سعود، وأني جهزت أمين خزينتي أحمد آغا وأرفقته بمقدار وافٍ من الخيّالة والمشاة وأرسلته إلى الحناكية القريبة من المكان المشار إليه ليكون في معيته، وقد أقدم المشار إليه بأن انتزع واستخلص ذلك النصف الآخر من أيدي الأعداء، وأظهر في تلك الأرجاء جلادته وصولته وألقى في قلوب أولئك الأشقياء القساة الخوف والرهبة؛ مما جعل أولاد سعود في يأس من مقاومته، ولم يجدوا مناصًا من أن يستسلموا بطوعهم ورضاهم للدولة العلية الأبدية القيام، وأن يستمسكوا بالعفو والاعتذار لاجئين إلى المشار إليه ومتخذينه وسيطًا ووفق بعض الشروط واليمين عليها أرسلوا اثنين من المقربين والمعتمدين عليهم رهينة ليكونا لدي في مصر لمدة عام.. ولما ينقضي العام يستبدلونهما بآخرين ليطلق سراح الأولين. وعلى هذا الوجه أكدوا عهدهم وأوضحوه والتمسوا له التنفيذ.
ولما كان القصيم المكان الذي استقر فيه المشار إليه بعيدًا عن الدرعية، وكانت الذخائر لديه قد تضاءلت فإنه اهتم بتدارك النقص، ورأى بتعقله وتفرسه أن هذا سيفوت عليه الوقت والفرصة.. فتذاكر الأمر مع أمين خزينتي المذكور فوجدا أن فقدان الذخيرة من الأمور الخطيرة التي يلاحظ معها محاذير الإقدام على الحرب قبل تأمينها؛ ولذلك أكد على تلك الشروط والتعهدات، ووثقها واكتفى بأن أخذ الرهائن الذكورة وعاد إلى المدينة المنورة، وهو يرجو ويستصوب ربط ذلك بالموافقة عليه. حتى ينظم شأنه ويعد ذخيرة الطريق، وكتب إليّ في هذا إفادته وبيانه.
ولما كانت قضية الدرعية بعون الباري قد ظفرت بالتسهيلات التي تجعل الاستحواذ عليه في أي وقت ميسورًا فإنه الآن يلتمس المساعدة العلية بالموافقة على عروضه، حتى إذا بدرت منهم مستقبلًا وفي أي يوم ما يخالف الرضا فحينئذ، وفي الحال ينظر فيما يجب وتستأصل جذورهم بإقدام تام.
ولما كانت ملاحظات المشار إليه متوافقة مع نفس الأمر؛ ولذلك سطرت عريضتي هذه وأرفقتها برسالته عينًا وقدمتها للأعتاب العالية، بحبه تعالى لما يحصل للاطلاع العالي عليها ففي هذا الصدد فإن الأمر والفرمان لصاحب الدولة.. حضرة سيدي وسلطاني) أ.هـ.
# نستخلص من الوثيقة ما يلي:
ـ محمد علي باشا يطلب في خطابه للسلطان العثماني التصديق على بنود الصلح بين طوسون باشا وعبدالله بن سعود عام 1230هـ أثناء الغارة على نجد.
ـ أن محمد علي باشا يمد ابنه طوسون، وهو في نجد باستمرار بالذخائر والمؤن والجنود؛ ليواصل الحرب على أهل نجد. وسنقرأ فيما بعد مثل ذلك الدعم لابنه إبراهيم بحيث يضمن لهم النصر بكل الوسائل. وحتى يضمن سمعته حسن لدى السلطان العثماني في التفاني لخدمة الباب العالي.
ـ يفيد محمد علي في خطابه بأن ابنه طوسون احتل كل بلدان نجد. وهذا غير صحيح. بل إن بلدان القصيم سلّمت له اتقاء شرّه، ولكنه لم يصل إلى بلدان الوشم وسدير والدرعية وما حولها، ثم يفيد بأنه ألقى في قلوب أهل نجد الرعب والخوف والرهبة وهذا ديدن الحروب؛ وبذلك فعل إبراهيم باشا في أهل نجد.
ـ إن طوسون باشا عندما عرض عليه عبدالله بن سعود أن يعقد الصلح بينهما اشترط طوسون أن يعطيه ابن سعود رهينتين يضمن بهما إتمام الصلح فأخذ معه: عبدالعزيز بن حمد وعبدالله بن بنيان إلى مصر لمدة سنة يتم بعدها استبدالهما بآخرَين.
ـ أرسل طوسون باشا عقد الصلح إلى والده ملتمسا منه الموافقة عليه. وقام محمد علي وأرسل بدوره العقد إلى مقام السلطان العثماني للموافقة عليه، ولكن السلطان لم يوافق.
عبدالله بن صالح العقيل ــ الرس.