المقالات

كان خائناً فتعس وانتكس

( تعس عبدُ الدينار ) فكيف لوكان هذا العبد عميلاً خائناّ ، بئساً له فقد حاز التعاسة والخيانة وبجدارة فتعس وانتكس .
عجيبٌ أن يمُّر التاريخ مرور السحاب بلا تفكُّر ولا تدبُّر لمن لم يعصمهُ حب الوطن والولاء له من الإضرار به !

عجيب أن لايَعتبر منه أُولي الألباب فيردعهم عن سوء همّوا به علّهم ينجون أو يفلحون ؛ أم على قلوبٍ أقفالها ؟!
يُحكى أن ابن العلقمي _صاحب أشهر الخيانات العظمى في تاريخ الخلافة الإسلامية _ قد سلّم بغداد لمُحتلّيها التتار على يد هولاكو مُتأملا ً أن يفوا بوعدهم له بأن يكون ملكاً عليها لكن كانت النتيجة أنهم أهانوه فخسر كرامته وبلاده وحياته حيث ذُكر أنه مات مغبوناً من الإهانات بعد أشهرٍ يسيرة من خيانتة الشنيعة.

ويُحكى أيضاً أنه عندما انكسرت جيوش بونابرت في معركة أسيرن ؛  بحث عن جاسوس نمساوي ليُساعدهم على دخول النمسا ؛ ووجدوا ضابطاً نمساويا بين الحدود فاتفقوا معه على سعر خيانته لبلده ؛  وبالفعل دلّهم على ثغرةٍ في منطقةِ جبليةِ من خلالها تمكن الجيش الفرنسي من التوغل و الإحتلال ؛ وبعد استقرار الوضع للفرنسيين في النمسا جاء الخائن لمقابلة نابليون وعندما رآه رمى له كيس نقود على الأرض ثمناً لخيانته فقال الجاسوس : ( سيدي العظيم يُشرّفني أن أُصافح قائداً عظيماً مثلك ) فرد عليه نابليون : ( أما أنا فلا يشرفني أن أُصافح خائناً لوطنه مثلك ) وعندما سُئل عن سبب تصرفه مع العميل رغم أنه كان سبباً في هذا الإنتصار قال مقولته الشهيرة : ( مَثل الخائن لوطنه كمَثل السارق من مال أبيه ليُطعم اللصوص ؛  فلا أبوه يسامحه ولا اللصوص تشكره ) لهذا بصق عليه .

وهتلر الذي يُصنّف عند البعض بأحقر الشخصيات لجرائمه قيل له ذات يوم : ( من هم أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك)  فأجاب :  ( أُولئك الذين ساعدوني على إحتلال بلدانهم ) ؛ أي أن الخائن أحقر من الحقارة ذاتها في عين الحقير .

عجبتُ ممن يبيع بلاده وأمنها وإستقرارها من أجل حفنة نقود أو كومة وعود بلفورية ..!
عجبتُ كيف تسوِّل له نفسه أن يُبتَعث على حساب دولته ليدرس وبعد أن تغذّى على خيراتها حتى طال لسانه وصغُر فكره وضاع جوهره وعميت بصيرته يبدأ حينها بوضع ساقٍ على ساق ويُطالب بكل عقوق بحقوق وهمية مكتوبة بحبرٍ مُستأجر على أوراق الغدر ..!
عجبتُ ممن مزج السمّ بالعسل وخلط بين مطالب وهمية وحقوق شرعية ليخرُج بجيل مُجنّد يدّعي المظلومية ويحمل لواء التحرير والتمرد بغباء وضلال على رغد العيش وأمنه.. !  وعجبتُ كل العجب ممن يرى الخطأ وكأنه قد ران على قلبه لايكاد يفقهه ولا يفقه له  قولا ..!
عجبتُ كيف ممكن أن تكون عميل خائن لعدوك في أرضك وكأنك لاتعلم بأنه من خرج من أرضه غادِراً فلن يجد له أرضا تؤويه..!

بالأمس القريب تراقصت على مسمعي ومرأى عيني أخبار جهود  أمن الدولة  في القبض على عملاء الشر ورأيتُ نفسي أحلّق فوق سحاب الفخرِ أني من هذه البلاد التي _ رُغم كثرة حُسّادها _ حاميها ربُّ العباد من كل خائنٍ ومُنّدس ، وبفضله تعالى ثم بفضل أسود أمن الدولة والعين الساهرة سوف تتعرى كل الوجوه الملثّمة وتسقطُ كل الأقنعة فمازالت أرحام الغدر والخيانة حُبلى بالأجنّة المشوهة .

تبأ لكل خائن  وألف تب لكل عميل ؛  كيف ستحكي هذه الإنجازات الوهمية لأبنائك وأحفادك وماذا ستقول لهم؟!
بعتُ أرضى وزعزعتُ أمن عشيرتي وشوهتُ صورة مجتمعي وقبضتُ الثمن ؟!

وهل ستظن أنهم سيضعون لك تمثالاً من ذهبٍ أم سيلعنونك لأنك مرّغت أنوفهم في التُراب ، واعتراهم من فعلك المـُخزي خجلاً ، وسيتمنّون لو أنك كُنتَ نسياً من تاريخهم منسيا ؟!
لاضير في ضربك الأرض بحثاً عن رزقٍ أو علمٍ أو لأي هدف آخر ففي الأرض مُراغماً كثيرة وسعة ؛ وأرض اللّه واسعة ، فإن فكّرت بالعودة ذات حنين بعد وعثائك لن تجد إلا أُماً حانية لبِرّك لها وتمثيلك اسمُها خير تمثيل ، كانت صلواتها تحُفُّك حيثما كُنت ؛ لكن الضير وكل البشاعة أن تتآمر عليها بقُبحٍ وعقوقٍ وكأنك ماكنت يوماً من أهلها أو أنك ابنٌ غير صالح .!!

الخلاصة الحتمية :
أيها الخائن ذلك الثوب الذي تستعيره لن يكون لك دفء في شتائِك وإن دفئك في يوم زائف فلن يدوم ، لأنه سيعود لصاحبه يوما ما وستبقى عارياً  ، لن يكون لك ستراً ودفء أبدياً سوى ثوبك الذي هو ملكك فكيف لو كان هذا الثوب هي بلاد توّجها اللّه بتاج الحرمين أي ستر وأي مفخرة وأي عزة ستكون لك بدونها ..؟!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button