منّ الله علينا بشهر رمضان وجعله الأفضل من بين الشهور، بل وميّزه عن غيره بأن جعله شهر القرآن، حيث أنزل الله فيه القرآن جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وتحديدًا في ليلة عظيمة مباركة هي أفضل الليالي في رمضان بل أفضل ليالي السنة كلها، وهي ليلة القدر، قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
هذه الليلة التى ننتظرها طيلة العام بعطش ولهفة وحنين، لتروى نفوسنا وتطهر أفئدتنا وتمحو خطايانا..
ليلة نرفع فيها أكف الضراعة ونسلّم فيها أنفسنا لله عز وجل خضوعًا وتذللًا.. نستودع فيها أمانينا ودعواتنا فما خابت قلوب أودعت البارئ أمانيها.
إنها ليلة نستبدل فيها سجلات حياتنا الماضية بسجلات حاضرة خالية من الآثام والمعاصى والسيئات، وفيها تصحو ضمائرنا وتنبض قلوبنا بالتقرب أكثر لله عز وجل، ونفتح من خلالها نوافذ أقرب للخير والبر وصالح الأعمال.
ولعظم قدرها وشرفها سميت هذه الليلة بليلة القدر، ففيها يقدّر الله الأعمال ويقسّم الأرزاق ويكتب الأقدار على العباد طيلة العام..
فلنلتمسها ونتحراها في العشر الأواخر من شهر رمضان اتباعًا لقوله صلى الله عليه وسلم “تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”.
علينا إذن أن نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لإحياء هذه الليلة العظيمة، وأن نكثر من الدعاء والذكر والقيام وقراءة القرآن، وأن نقوم الليل في العشر الأواخر مرددين ومرطّبين ألسنتنا بالدعاء المأثور عن نبينا الكريم (اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعفو عنا)
فاللهم اجعلنا من عتقائك، وبلغنا قيام هذه الليلة، وانظر إلينا نظرة رضا.
0