د. جرمان الشهري

عصابات الغش والتزوير

إذا لم يعقب تشخيص المرض، صرف العلاج اللازم لتبرئة ذلك المرض، فلا جدوى ولا فائدة من التشخيص، وهذه حقيقة مسلّم بها سواء كانت في المجال الطبي أو في أي مجال آخر ..
وهدفي من هذه المقدمة البديهية، أن أصل إلى القول، بأن وزارة التجارة الموقرة، أطلعتنا من خلال جولاتها على السوق، على جزء من أعمالها ومهامها الوطنية المقدرة لحماية المواطنين والمقيمين، من الغش التجاري الذي تمارسه عصابات الغش والتزوير .. ومن تلك الأمثلة الرائعة والأنشطة الملموسة لوزارة التجارة، هو ما تقوم به من مداهمات لأوكار الغش والتزوير التي وافتنا بها قنوات التواصل الاجتماعي خلال الأيام المنصرمة، وقد شملت تلك المداهمات بعض المطاعم والأسواق ومحلات بيع زيوت السيارات، وغير ذلك من المحلات التجارية، التي يتم تلقي البلاغات عن مخالفاتها وتجاوزاتها للأنظمة، وآخر مداهمة شاهدتها لوزارة التجارة مشكورة، هي مداهمتهم لموقع فاسد يقوم ببيع الملابس الرياضية المزورة، وتحديدًا الماركات العالمية المعروفة، وذلك بعد أن استقدم ذلك الموقع الشعارات والعلامات التجارية التي تميز الماركات العالمية، وكذلك قام بتأمين وشراء مكائن وآليات وأجهزة حاسبوب، لاستخدامها في عمليات التزوير، حيث قاموا بتنزيل شعارات الماركات العالمية على جهاز الحاسب، ومن ثم طبعها وإدخالها في الأجهزة المصممة لخياطتها على القمصان والملابس الرياضية حتى تحاكي وتشابه البضائع الأصلية .. عمليات التزوير تتم بكل حرفية، ومن الصعب تمييز الماركة الأصلية المستوردة من بلد المنشأ، عن المقلدة والمزورة التي تمت في ذلك الموقع الذي داهمته وزارة التجارة !!

وعودًا على بدء .. نعم نشكر وزارة التجارة على تشخيصها وكشفها للتزوير، ولكن أليس خلف هذا التزوير بهذه الإمكانيات المادية من الأجهزة، تجار كبار يشترون من ذلك الموقع وغيره، ما يغرقون به السوق من تلك السلع المزورة ؟!
نعم ياوزارة التجارة لجهودكم الجبارة في الكشف، ولكن بعد الكشف نريد العلاج، ولا شك أن العلاج الفعّال والحاسم والذي سيقضي على المشكلة من جذورها، ليس في محاسبة تلك العمالة المحدودة، التي تمت مداهمتها في الموقع، فتلك العمالة مجرد أدوات تنفيذية لهوامير كبار من بعض التجار الفاسدين، الذين لا يهمهم ماذا يأكل المواطن وماذا يلبس، بقدر مايهمهم انتفاخ جيوبهم وتضخم أرصدتهم .. نطالب وزارة التجارة الموقرة بالوصول إلى الجذور والمصادر والأساسات الفاسدة، التي أغرقت السوق السعودية بالبضائع المقلدة والمزورة، وإيقاع أشد العقوبات بحقهم، ومنعهم من ممارسة التجارة المغشوشة، انتصارًا للمواطن والمقيم، وحفظًا للصحة والمال.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button