تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما قائمة الوسوم الأكثر تداولا والمعروفة عاميًا باسم “الهاشتاغات” أخطاء إملائية كثيرة، فقلّما تجد وسمًا مكتوبًا بلغة عربية صحيحة، وهو الأمر الذي يستدعي بحثه مع الأكاديمي والأستاذ المشارك في تخصص النقد الحديث بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عادل الزهراني.
ولأن تويتر من أكثر المواقع التي يتواجد فيها الشباب والمجتمع بشكل عام، وهناك شبه قاعدة في ما يسمى بالهاشتاقات أن تكتب بدون همزات وبدون التاء المربوطة كي يتم تداولها بشكل أكبر وهذا فيه تضييع وامتهان للغة العربية.
ولخطورة تلك الوسوم المشهورة على مستقبل اللغة العربية وخصوصًا الإملاء وأثرها في العملية التعليمية، إذ تجدها تروّج لكلمات خاطئة في الرسم والإملاء، بما قد تتوارثه الأجيال على أنه الصورة الصحيحة للفظ، تجري صحيفة “مكة” الإلكترونية هذا الحوار مع الدكتور الزهراني.
وفي هذا الشأن قال الدكتور عادل الزهراني، “إن إغفال الهمزات والنقاط من هاشتقات تويتر، مظهر من المظاهر السلبية والمزعجة في رأيي، وهي تسهم في تكريس الأخطاء وتهوينها، ومن ثم اعتبارها الأصل وغيرها الشاذ”.
وتابع “هناك من يرى أنها مسألة هينة ولا يجدر أن نضخمها، وأتفهّم هذا الرأي، لكني لا أستطيع أن أغفل أنها تأتي ضمن مجموعة من المظاهر السلبية الأخرى في التقنية ومنصات الإعلام الجديد”.
وأشار الدكتور الزهراني، إلى أن “جزءا من المشكلة أن التقنية لا تدعم اللغة العربية، وهذا يعود بالطبع لأننا في الغالب مستهلكون لها، وغير فعالين في تأسيسها وتطويرها وتوجيهها”.
ودعا المتخصصين دائماً، إلى الانتباه لجوانب اللغة والحوسبة، ودعم المبادرات البحثية والتطبيقية التي تسهم في جعل العربية لغة للتقنية، بحيث نرغم التقنية على أن تتحدث العربية وتتقنها كما تتقن غيرها.
واسترسل “نحن كمتخصصين في اللغة نتمنى أن تسود الفصحى، ونتمنى أن تعتمد الكتابة السليمة الخالية من الأخطاء النحوية والإملائية في وسائل التقنية وغيرها، لكن الأماني ليست كل شيء.. فهناك عدة عقبات، منها ابتعاد المجتمعات العربية عن الفصحى، ما جعل كثيراً من قواعدها في النطق والكتابة صعبة عليهم.
وأردف الزهراني “بالإضافة إلى عدم الإيمان الحقيقي بأهمية اللغة العربية، والمسؤولية تجاهها (أعني هنا الإيمان العملي الذي يجعل الإنسان يضع تنمية مهاراته في اللغة العربية وتطويرها ضمن خططه لنفسه ولأبنائه، كما يتم مع تعلّم الانجليزية مثلاً)
ونوّه إلى أن “هناك مسؤولية على المتخصصين الذين فشلوا في إقناع المجتمعات بأن العربية لغة سهلة في متناول أيديهم (هناك فجوة حقيقية بين فكر المتخصصين في اللغة العربية وبين غيرهم من شرائح المجتمع في هذا الشأن)”.
وشدد على أن “هناك طبعاً حاجة ملحة لأن تصبح اللغة الفصحى السليمة هدفاً استراتيجيا من أهداف الدول العربية، وطبعاً لا ننسى الباحثين والعلماء (غير المتخصصين في اللغة العربية) الذين يعملون بجهد لإتقان لغات عالمية وتجنّب الأخطاء فيها، بينما لا يولون العربية الاهتمام نفسه، فتجد معرفتهم بها ضئيلة ومهاراتهم فيها بائسة.. (مثل هؤلاء يمثلون عاملاً هداماً للغة، لأن لهم تأثيرهم على طلابهم وقرائهم وعلى بقية أفراد المجتمع)”.
واختتم الزهراني حديثه لصحيفة “مكة” الإلكترونية، بالقول “أنا أؤمن بأن اللغة العربية هي مصدر قوتنا لأنها المنارة التي تجمعنا، والجسر الذي يصل بين ماضينا المشرق وحاضرنا.. وهي لغة عبقرية لا ينقصها أي شيء لكي نفاخر بها، ولكي تنافس في كل المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية؛ لكننا نحتاج إلى برامج عملية لترسيخ إيمان الناس بها وبأهميتها (حضارياً واقتصادياً)”.