تعتبر المؤتمرات الصحفية محطة وامضة لمعرفة كل التطورات، ففي الشأن الذي تتحدث عنه تلك المؤتمرات فإنها تضيء بفتائل من نور لتعطي تصورًا واضحًا عن وقائع الأحداث أيًا كانت، وبالتالي تضع المتلقي على الدراية والوعي وبكل شفافية ووضوح، وتكشف بجلاء عن الماضي والراهن وتتعدى من خلاله إلى المستقبل وفق تنبؤات واستقراءات غالبًا ما تقع؛ لأن ذلك قائم على دراسات ميدانية وإحصاءات دقيقة من قبل مختصين في الشأن نفسه، وهذا في معظم المؤتمرات الصحفية على اختلاف تبايناتها وتعدد جهاتها، وهي لاشك تستشرف أفق المستقبل وتعاجل إليه من خلال ما تقدمه من معلومات قيمة تفسح المجال لأفق أرحب في المعرفة وفق مستويات معرفية ومعلوماتية متجاوزة؛ لتتبناها النخب الإعلامية والثقافية والفكرية لتصوغها في قالب جديد يتلقاها عامة الناس في الداخل والخارج؛ ولذا كانت المؤتمرات الصحفية تعبر عن وعي وسلوك حضاري في كل المجتمعات وإلى بعد نظر وتتواكب مع المسارات الدولية التي تحترم الإنسان ومنجزه الحضاري، وهذا العمل الضخم والهدف المنشود قد يفقد رونقه وبريقه لمن لا يدرك جهد أبعاده المختلفة، إلى جانب ذلك وخصوصًا هذه الأيام مع ثورة الاتصال السريع في الساحة الرقمية قد يتناقل وبصورة خاطئة أي مؤتمر صحفي، ومن اجل تزاحم هذه المسارات وازدياد تناقل المعلومة أود أن أؤكد على المؤتمرات المتعلقة بالشأن الوطني والقضايا المصيرية، وما أعنيه في هذا الصدد هو المؤتمر الصحفي للتحالف لدعم الشرعية في اليمن، من هنا كان لزامًا علينا أن نقف مع كل جهد فيه ونعي مضمونه، لاسيما هذه الأيام فقد أصبحت تنتقل المعلومات عبر الوسائط الرقمية في الشبكة العنكبوتية بسرعة متناهية، وتضع كل نشاط ومشاركة في المجال العام، الأمر الذي يشترك فيها الجميع، وغالبًا ما تكون تلك المشاركات غير منسجمة مع المحتوى أو قاصرة عن المضمون أو لربما مغالطة للواقع ومشوشة للوضع العام، والسبب في ذلك يعود إلى أنها لا تدرك العمل الجبار الذي يتم خلف الكواليس خلال فتراته الطويلة، ولتتدارك معًا معاجلة في غير محلها يجب أن نقف بتفطن ووعي، لأن ذلك سينعكس على الوطن في الإيجاب والسلب، وهناك جهود مضنية يجب أن تقدر وأن تضمينها في سياقها الخاص بها يضعنا في الصف الأول، ويؤكد حالة الوعي عند الجميع فالأولية هنا هي للوطن والجميع يمتلك منصات إعلامية يجب أن تسخر للوطن وقضاياه، وللمؤتمرات الصحفية وسائل وطرق متعددة للوصول إلى المعلومات الدقيقة، والتأكد منها، وهذا ما قد يغيب عند البعض فهذا مضمار طويل ويحتاج إلى عمل ضخم وجهود متواصل لإقامة مؤتمر صحفي واحد قد لا يتجاوز وقته أكثر من عشرين دقيقة وربما أقل من ذلك، ومن يعاجل في النقل دون تثبت هو في حقيقة الأمر يضر بنتاج فني ومعرفي عمل عليه نخبة من المتخصصين أيامٍ طويلة ليُهدم في أقل من دقيقة، فمن واقع التجربة حضرت الأسبوع الماضي مؤتمرًا صحفيًا لسعادة العقيد تركي المالكي المتحدث الرسمي للقوات التحالف في اليمن فالناظر للأمور بالعين الفاحصة لتلك المؤتمرات يدرك الجهد الكبير الذي يقوم به القائمين عليها، فهناك لجان كثيرة تعمل في أرض الميدان على اختلاف طبيعة التضاريس وتباعد المسافات في اليمن مع بون شاسع بين كل محور وآخر، فهناك الجوانب الإنسانية والإغاثية بمفهومها الشامل المندرج تحت مسمي (إعادة الأمل)، ولكي تتوفر المعلومات وتضعها في قالبها الأخير بين يدي الجميع تحتاج إلى جهد كبير، ومن هذا المنطلق فإن هناك لجان تعمل على دراسة المعلومات وتبويبها ولجان أخرى فنية تعمل على تقنيات عالية سواء كانت صورًا حاسوبية من الفضاء أو جوانب فنية تتعلق بالبرمجة وإدراج آخر الصور الحديثة التي تتطلب العرض مع تعليقات عليها وفق كل مقطع حتى يكتمل المشهد مع الشرح الوافي لتصل المعلومة وبكل أبعادها، بعد ذلك ينتقل كل هذا العمل الضخم مع طاقم فني ماهر إلى صالة المؤتمر ليخرج كما يراه المشاهد ويتلقاه الحاضرون بالقاعة، إلى جانب ذلك هناك لجان تعد للمؤتمر من وقت مبكر مع أخذ كل الحيطة وحذر وفق تدابير أمنية تُراعى في هذا الجانب، وهذا يتطلب فريقًا مستقلًا إلى جانب فريق آخر في العلاقات العامة الذي يتولى التنسيق مع الوفود والإعلاميين والكتاب والمهتمين بالشأن التي سوف تحضر وتشارك في المؤتمر ويحدد لهم زمان الاستقبال ومكان الجلوس وتوفير الأجواء المناسبة، واستتباعًا لذلك يصل محتوى المؤتمر الصحفي إلى المتحدث الرسمي في حلقته الأخيرة بعد ورش عمل استمرت لأيام طويلة؛ وذلك قبل البث المباشر لتستحق وبجدارة مقولة: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) كل هذه العوامل المتداخلة بكل تبعاتها مرتبطة بالهوية والقانون والاخلاق، وفي الحقيقة هو جهدٌ عظيم يقدمه لنا المؤتمر الصحفي للتحالف، وهو لاشك مصدر إعلامي وطني قومي وفارسه النسر الإعلامي تركي المالكي وقد ساهم بشكل مباشر في تقديم المعلومة بكل دقة وموضوعية من رواق الاحداث لنعيش الوضع نفسه، كان المالكي جديرًا بذلك وكان همه إيصال رسالة وصورة حقيقية لكل الأوضاع في يمن العز والكرامة والتي مؤداها الدفاع عن الشرعية وعن الخيارات الوطنية والقومية والإنسان اليماني، وكل ذلك مندرج وفق القرارات الأممية المتعلقة بهذا الشأن، أخيرًا كل مؤتمر صحفي تتبلور فيه المعرفة وتزداد المعلومة وتتوسع الحصيلة الثقافية فقط علينا الوقوف بفاعلية نحو تطلعاتنا الوطنية، وكذا تطلعات القيادة وفقها الله التي تسعى إلى استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم .. وإلى لقاء.
2
قراءة رائعة وابداع من لدنك وما هذا الغوص في العمق ليحصل متابعينك وقراءك على هذا النقل الجميل الذي وضع الجميع في الصورة وامام كل مسؤول مسؤولياته.
ماشاء الله يعجبني قلمك وثروتك اللغوية