المقالات

لماذا كرة القدم يا هيئة الرياضة؟

منذ زمن ونحن نغرد خارج السرب في كرة القدم، تخدرنا كلمة اخترعناها لنخفف ألم الخيبة والخروج من أي بطولة قارية أو دولية وهي “الخروج بشرف” فلا يوجد في الرياضة الخروج بشرف أو بغير ذلك بل ما يوجد هو أن تحقق إنجازًا أو تخرج بخفي حنين، تخفيف الألم على أنفسنا يجعلنا نسير وننظر بعين واحدة نبصر نصف الطريق بالرغم أننا نعرف أن هذه العين لاتعطينا النظرة الشاملة التي يستحقها كل رياضي في هذا البلد المعطاء، فالرياضة أعم وأشمل من كرة قدم فقط، فلا يخرج علينا من يتبجح بأنها اللعبة الشعبية الأولى لذلك لابد أن نستثمر كل طاقاتنا البشرية والمالية بها، هذه حجج واهية تجعلنا كما يُقال لا نعرف من أين تأكل الكتف ولا كيف نخدم بلادنا ونرفع رايتها في المحافل العالمية، فلدينا رياضات ورياضيين أبدعوا في ألعاب أخرى ولهم الحق الاهتمام كما لكرة القدم، هنالك دول عظمى تمتلك اقتصادات العالم اتجهت للتركيز على الألعاب الأخرى عندما وجدت نفسها لم تفلح في كرة القدم فقدمت نفسها بشكل مختلف للعالم ولم تستثمر في صفقة كرة القدم الخاسرة بالنسبة لها ولو بشكل مؤقت، الصين مثلًا عندما وجدت أنها لم تفلح في كرة القدم أولت اهتمامها لرياضات أخرى حتى أصبحت من أكثر الدول في العالم حصدًا للميداليات الأولمبية في معظم الألعاب حتى أضحت من الدول العظمى رياضيًا برغم أنها ليست في مستوى الطموح في كرة القدم، الولايات المتحدة وهي المارد الأولمبي الذي يحصد أكبر عدد من الميداليات في جميع الألعاب عدا كرة القدم حيث إنها لم تنخرط في مجال كرة القدم بشكل فعلي إلا في الأربع سنوات قبل تنظيمها لمونديال 1994 والآن أصبحت لها قاعدة كروية مهمة وتقدم نفسها بشكل مختلف في كرة القدم، لكنها لم تتوقف وتستثمر أبناءها وأبطالها في ألعاب أخرى جعلها تحصد إنجازات قارية ودولية وتكون الأولى على العالم في عدد الميداليات الأولمبية، وذلك لأن الحكومة تساعد الموهوبين وتدعمهم بقوة وبشكل علمي ومنظم أيًا كانت اللعبة التي يمارسونها لذلك هم الأوائل، الهند برغم من عدد سكانها الضخم ليس لها أي رصيد يُذكر في كرة القدم لكنها بطلة العالم عدة مرات في رياضات أخرى كالهوكي على العشب والبولو والبيسبول والكريكيت وهي تركز عليها إلى يومنا هذا وتعتبرها رياضات قومية، بالمملكة حققنا إنجازات عالمية على المستوى الفردي وكذلك الجماعي، بطل العالم في التايكوندو محمد السويق مشروع بطل قومي ضخم رغم صغير سنه رفع اسم المملكة في أعظم محفل عالمي وزميله هشام الدوخي، كذلك بطل العالم في الكاراتيه اللاعب عماد الغامدي وزميله البطل الآسيوي عمر العازمي، أبطال القوى منهم العداء أحمد خضر الذي حقق أفضل رقم آسيوي في سباق ١١٠م حواجز، والعداء عبدالله أبكر العداء أحمد جمعة المتأهلين لبطولة العالم في سباق ٦٠م، ٢٠٠م، لاعب الجمباز ورابع العالم جعفر الصايغ، الفارس عبدالرحمن الراجحي المتأهل لكأس العالم للفروسية جميعهم حققوا ميداليات عربية وآسيوية وعالمية أين نحن منهم؟ كرة اليد وصلت العالمية ٩ مرات وحتى الآن الدعم لهذه اللعب أقل من المتوقع، والأمثلة كثيرة للاعبين حققوا الإنجازات تلو الإنجازات في جميع الألعاب ولم يأتِ لهم ذكر ولم يتم دعمهم بما يكفي كل هذا وكرة القدم هدفنا الأول، فلو تم دعم هذه الألعاب الفردية والجماعية ولو بنصف ميزانية كرة القدم لكنا أبطال العالم في كثير من الألعاب ولا رفرفة راية المملكة وبشكل دائم في الأولمبياد العالمي، هيئة الرياضة هي الجهة المسؤولة مع الاتحادات الرياضية عن هذه الألعاب، بعد الخروج المرير من كأس العالم بروسيا لابد من إعادة النظر وبشكل جدي بتعزيز هذه الألعاب والالتفات لها لتكون المملكة حاضرة وبشكل دائم في المنصات العالمية، نعم نحن مع التخطيط الفعلي العملي لكرة القدم لتعود أقوى مما كانت عليه وليس التخطيط التنظيري الذي وعدنا به المسؤولين عن كرة القدم عندما خرجنا ب ٨/ صفر من ألمانيا في مونديال ٢٠٠٢ في هزيمة لم تزل أثارها السلبية ممتدة حتى يومنا هذا؛ وما أشبه اليوم بالبارحة فقد خسرنا بخماسية من روسيا في الوقت الذي نظن أننا وصلنا للكمال، إلا أننا سقطنا بشكل مريع نحتاج معه لإعادة التخطيط والبناء الذي يحتاج لوقت طويل يمتد لأكثر من عقدين من الزمن للوقوف على قاعدة صلبة لهذه اللعبة، أما الألعاب الأخرى فالقاعدة جاهزة بل ومهيئة فقط تريد قطف الثمار بعد دعم والتفاتة من هيئة الرياضة، فهل نرى هذه الالتفاتة أم سيستمر مسلسل الهدر على لعبة تستنزف ميزانيات ضخمة بإنجازات متواضعة بسبب عدم وجود أساس صحيح يرتكز على العلم والعمل وهذا لن يتأتى إلا بالاستعانة بالمختصين الرياضيين كل في مجاله، فقد أصبحت العلوم الرياضية مثل الإدارة وعلم النفس وفسيولوجيا الجهد البدني هي الأساس الذي تبنى عليه الخطط المستقبلية لتطوير أي مجال رياضي، أما إذا استمرينا بالعمل العشوائي فسنظل “محلك سر”.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button