الوثيقة الخامسة
وثيقة رقم (5/1/197) ورقمها في مجموعة الوثائق التركية (19700).
العنوان: هزيمة إبراهيم باشا أمام قلعة الرس.
التاريخ: 27 ذو الحجة 1232هـ.
جهة الإصدار: محمد علي باشا والي مصر.
الصادر إليه: السلطان… بواسطة رئيس الكتاب الذي قدّم الرسالة وأورد خلاصة عنها.
في حاشيته التي تعذرت قراءتها بسبب عدم وضوح الخط فيها.
نص الرسالة (صاحب الدولة والعناية ذي العاطفة المزدادة، والمرحمة، ولي النعم كثير اللطف والكرم. حضرة سيدي وسلطاني. لقد عاد الرجل الذي أوفدته نحو ولدي والي جدة إبراهيم باشا، مرافقًا للعتاد والمهمات المرسلة ودلّت الرسالة التي حملها من قبله على أنه منشغل بتضييق الحصار على قلعة الرس وأنه بعد الهجمة الأولى التي قام بها طلب إليه رجاله من العساكر السلطانية أن يهيئ لهم هجمة ثانية.. ولما حصلت هذه مع الصباح كان المحاصرين الملاعين في كثرة، فلما علموا بالمبادرة تجمعوا كلهم وأمطروا الجنود الذين توزعوا في الخنادق واتجهوا نحو القلعة بوابل الرصاص من حيث صدوا الجنود عنها، فلم يتيسر لهم الاستيلاء عليها وقتل خلق كثير. وقد تضمنت الرسالة تفصيل ذلك وشؤونًا أخرى.
فاستدللت من تقرير الرجل القادم ومن تلك الرسالة أن جنودنا وصلوا إلى مقربة من القلعة وأنه بعون وعناية جناب الحق بمدد روحانية حضرة سيدنا، سيد الكائنات، وبيمن التوجّه السلطاني لحضرة سيدنا المتربع على عرش الخلافة سوف يوفقون بالاستيلاء على القلعة والسيطرة. وإذا كان هذا هو المأمول والعدو في مواجهتهم فإنه من الضروري إعداد القوة والاستعداد لمجابهة الحروب التي ستقع من بعد الآن. ولهذا أسرعت الإمداد بـ 400 خيال وعلى رأسهم رئيس أدلاء “وظيفة قيادية” و 400 من المشاة وعليها قائدان و 500 من مشاة المغاربة. وحمّلتهم 4 آلاف قذيفة من عيار 7 أواق “وزنة” مع مدفع أوبوس. وهكذا قوّيت من ساعده، وأخبرته بواسطة الهجّان الموفد بما سنرسله إليه قريبا من قوة. بالإضافة إلى ما زودته به من الوصايا التفصيلية.
لقد بدأ المشار إليه بالتضييق على تلك القلعة من يوم 27 شعبان ولما كانت تلك القلعة حصينة جدًا والذين في ضمنها من المكروهين الملاعين في كثرة ولذلك امتدت معهم أيام محاصرتها، وهي بمثابة القفل للدرعية. حيث إن ابن سعود يتربص في قرية عنيزة التي تبعد عن القلعة مسافة 12 ساعة. مترقبا أية فرصة.
ولما كان من المعلوم أن هذه التقية ذات أهمية لدى الدولة العلية الأبدية الدوام فقد كنت منذ بدأت المحاصرة حتى الآن أترقب منتظرًا الأخبار الحسنة بنتائجها لأنقلها إلى طرف واضح الشرف وليّ النعم، ولهذا فإنني أرفق بعريضتي هذه رسالة ولدي المشار إليه للإطلاع عليها تقديمًا. ولما كنت عبدًا فدائيًا في سبيل الدين والدولة؛ ولذلك فأنا باذل ما أبذله متحملا الآلام والضجر ابتغاء الحصول على الرضا العالي. مفتقرًا للدعاء المستجاب من جانب حضرة ظل الله وليّ نعم العالم وولي نعمتنا ذو المنّة. صاحب الشوكة والمهابة والكرامة حضرة سيدنا. ليكون ولدي المشار إليه موفقًا في مهمته المعهودة إليه، وإلى جانب ما أنا مشمول به من النعم الجليلة، فلما يحصل العلم الشامل بهذا، وفي كل الأحوال فإن الأمر والأمان واللطف والعناية والإحسان لصاحب الدولة والعناية والعاطفة المزدادة والمرحمة ولي النعم كثير اللطف والكرم حضرة سيدي وسلطاني.
وفي أعلى الوثيقة خط السلطان سطوره: لقد اطلع سلطاني على وثيقة والي مصر هذه والأوراق الواردة من ولده إبراهيم باشا المشار إليه.لا قول يقال عمّا يقوم به هؤلاء الرجال وهما في غيرة وإقدام من أجل مصلحة الحجاز. ليحسن الحق تعالى إليهما بالنصرة والتسهيل ببركات سيدنا صاحب السعادة وروحانيته العلّية إن شاء الله يوفقون بالخاتمة).
المترجم: محمد صبحي فرزات.
# نستخلص من الوثيقة ما يلي:
ـ محمد علي باشا يبعث رسالة إلى السلطان العثماني يصف حال ابنه إبراهيم باشا، وأنه منشغل بحصار بلدة الرس الصعبة والعنيدة. ويلتمس من السلطان تحقيق رغبته بالحصول على مجموعة كبيرة من الجنود والعتاد والقنابل.
ـ أن جنود إبراهيم باشا وعددهم حوالي عشرين رجلا شنوا الهجوم الأول على قلعة الرس ولكنهم فشلوا في دخولها، حيث تصدى لهم أهل الرس بالبنادق وأبادوهم جميعًا.
ـ بعد فشل الهجوم الأول طلب جنود الباشا أن يسمح لهم بالقيام بهجوم ثانٍ من أجل اقتحام قلعة الرس، وحصل ذلك في الصباح الباكر حيث توزع الجنود في الخندق الذي حفره أهل الرس حول السور. ولما علم أهل الرس بذلك أخذوا يعدون العدة للتصدي لهذا الهجوم ثم تجمعوا وأمطروا جنود الباشا برصاص البنادق وصدوا الجنود عن السور, وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا ولم يتمكنوا من دخول القلعة.
ـ إبراهيم باشا يسمي بلدة الرس (قلعة الرس) لما يراه من قوة تحصينها ومتانة وعلو سورها وصعوبة اقتحامها وصلابة أهلها وبطولتهم.
ـ كما يسمي إبراهيم باشا أهل الرس (العدو والملاعين والخوارج والمحاصرين والمكروهين).
ـ طلب جنود الباشا منه أن يقوموا بالهجوم الثاني على بلدة الرس من أجل دخولها فأذن لهم. ثم قاموا بالهجوم في بداية الصباح بعد أن توزعوا في الخنادق ليفاجئوا أهل الرس بالدخول، ولما علم أهل الرس بخطة جنود الباشا وزعوا أنفسهم من أجل صد الهجوم، ثم أمطروا الجنود الذين حاولوا دخول البلدة بوابل من رصاص البنادق وأبادوهم جميعا وأفشلوا خطتهم وقُتل منهم خلق كثير. ويروى بأن عدد القتلى من جنود الباشا بلغ (600) رجل.
ـ يقول محمد علي (فاستدللت من تقرير الرجل القادم ومن تلك الرسالة أن جنودنا وصلوا إلى مقربة من القلعة وأنه بعون وعناية جناب الحق بمدد روحانية حضرة سيدنا، سيد الكائنات، وبيمن التوجّه السلطاني لحضرة سيدنا المتربع على عرش الخلافة سوف يوفقون بالاستيلاء على القلعة والسيطرة) وأفول: كيف يريدون النصر وهم يستعينون ويطلبون النصر والتوفيق من السلطان وليس من خالق السلطان.
ـ ثم قام محمد علي بعد الهجوم الثاني يمد ابنه بقوة متعددة قال (ولهذا أسرعت الإمداد بـ 400 خيال و 400 من المشاة و 500 من مشاة المغاربة. وحمّلتهم 4 آلاف قذيفة من عيار 7 أواق “وزنة” مع مدفع أوبوس. وهكذا قوّيت من ساعده، وأخبرته بواسطة الهجّان الموفد بما سنرسله إليه قريبا من قوة. بالإضافة إلى ما زودته به من الوصايا التفصيلية).
ـ كما يفيد محمد علي بأن ابنه إبراهيم يحاصر ويضيّق على بلدة الرس من تاريخ: 27/8/1232هـ ولا يزال مصرًّا على الاستيلاء عليها ولكن المولى خيّب ظنهما.
ـ إن محمد علي وابنه إبراهيم يعترفون بأن بلدة الرس حصينة وأنها صعبة المرتقى وأن أهلها يزيد عددهم وتكثر قوتهم. وهذا وهم منهم، بل إن عددهم لا يزيد لأنه يصعب تزويدهم بقوة إضافية من الخارج حيث إن البلدة محاطة بالجنود والمراقبين من البادية الذين انضموا إلى إبراهيم باشا.
ـ كذلك فإن محمد علي يرى كما يراه ابنه إبراهيم بأن الرس (هي بمثابة القفل للدرعية) وقال في موقع آخر (هي مفتاح الدرعية).
ـ كما أن إبراهيم باشا يخاف أن يهجم عليه عبدالله بن سعود الموجود في عنيزة عندما يجد الفرصة للهجوم من أجل إنهاء حصار الرس.
ـ إن محمد علي باشا وابنه إبراهيم يستعينون بقوة الدولة العثمانية ودعاء القادة لهم، ويكيلون لهم المدائح والعبارات الرنانة مثل (الدولة العليّة. واضح الشرف. وليّ النعم. عبدا فدائيا في سبيل الدين والدولة. الرضا العالي. حضرة ضل الله. وليّ نعم العالم. ولي نعمتنا. ذو المنّة. صاحب الشوكة والمهابة والكرامة. حضرة سيدنا) ويختمها بقوله (وفي كل الأحوال فإن الأمر والأمان واللطف والعناية والإحسان لصاحب الدولة والعناية والعاطفة المزدادة والمرحمة ولي النعم كثير اللطف والكرم حضرة سيدي وسلطاني)، وهم يعتبرون كل هذه الألقاب التي يضفونها على السلطان (تُقْيَة) يتقربون إليه بها.
عبدالله بن صالح العقيل ـــ الرس.