الوثيقة الثامنة:
وثيقة رقم (5/1ـ61) ورقمها في مجموعة الوثائق التركية (19700).
العنوان: فشل إبراهيم باشا أمام قلعة الرس.
التاريخ: 23 ذو الحجة 1232هـ.
جهة الإصدار: والي مصر محمد علي باشا.
الصادر إليه: السلطان.
الترجمة (يقول في خطه: لقد اطلعت على رسالة والي مصر كما اطلعت على الرسالة الواردة إليه من ولده إبراهيم باشا، وما من قول يقال بشأن هؤلاء الرجال غيرة وإقدامًا بشأن قضية الحجاز ليحسن الحق تعالى إليهم بالنصر والتسهيل إن شاء الله وبالبركات الروحانية لسيدنا. يوفقون في الختام. ويقول الوالي في رسالته. لقد قام موفدي الذي أرسلته إلى ولدي إبراهيم باشا مرافقًا للمعدات الحربية حاملًا رسالته التي تضمنت انشغاله بالحصار والتضييق على قلعة الرس. وأنه بدأ الهجوم السابق وبناء على اندفاع العساكر السلطانية رتّب هجومًا آخر. ولما كان المحاصرون…. فإنهم تجمعوا في المواجهة وأخذوا يقتنصون برصاص البنادق الجنود الذين دخلوا القلعة فسقط الكثير منهم قتلى. ولذلك لم يتيسر الاستيلاء على القلعة.
وبناء على بيانات موفدي القائد والتقرير المفصّل من جانب المشار إليه فقد تبين أنه قد أضحى قريبًا جدًا من القلعة. وأن بالمدد الروحاني لسيد الكائنات ويمنى وتوجّه صاحب الخلافة فإنه سيوفق بالاستيلاء عليها٬ وإذا كان هذا مأمولًا فإنه من اللازم مجابهة العدو بقوة أكثر بعد الآن. ولهذا أسرعت بأن جهزت إليه 400 خيّالًا بقيادة رئيس أدلاّء و400 من المشاة بقيادة ضابطين و500 من العساكر المغاربة و4 آلاف قنبلة مدفع وزن 7 أواق ومدفع “قوبوز” ليكون هذا المدد مزيدًا في قوته وكتبت إليه بأن هذه القوة ستصدر قريبًا وأرسلت رسالتي مع هجّان خاص. مضيفًا إليها أمور الاستمالة والوصايا. لقد بدأ المشار إليه ضغطه على القلعة منذ 25 شعبان٬ ولما كانت متينة جدًا والموجودين فيها من الملاعين المكروهين كثيرين ولذلك امتدت أيام الحصار. وحيث كانت القلعة بمثابة مفتاح للدرعية فإن ابن سعود يترقب في قرية عنيزة وعلى بعد 12 ساعة من القلعة مترقبًا فرصته.
ويختم رسالته بأنه إذ يقدم رسالة ولده فإنه يلتمس له الدعاء المستجاب في مهمته ويرجو أن لا يضنّ عليه بها. والأمر والعرفان لحضرة سيدي السلطان).
تعليق: الوثيقة صورة والأصل محفوظ في تركيا٬ اللغة تركية والخط مقروء. الإثبات مؤكد بدليل وجود الأصل في عداد المحفوظات الرسمية٬ الخاتم المعلوم خاتم (محمد علي)أ.هـ.
المترجم والملخّص: محمد صبحي فرزات.
# نستخلص من الوثيقة ما يلي:
ـ السلطان العثماني يصف الجنود المرافقين لإبراهيم باشا إلى نجد بأن لديهم غيرة على الدين وإقدامًا في الحرب حيث يسعون للمحافظة على الحجاز. ويدعو لهم بالنصر والتسهيل والتوفيق من الله.
ـ قام محمد علي باشا بتزويد ابنه إبراهيم الذي يحارب في نجد بـ(400 خيّالًا بقيادة رئيس أدلاّء و400 من المشاة بقيادة ضابطين و500 من العساكر المغاربة و4 آلاف قنبلة مدفع وزن 7 أواق ومدفع قوبوز ليكون هذا المدد مزيدًا في قوته). وأقول: وهذا المدد سوف يسلطه على بلدة الرس العنيدة التي استعصت عليه وأهلها المجاهدين الأبطال الذين قهروه وتصدوا له.
ـ إبراهيم باشا منذ أن وصل نجدًا انشغل بحصار الرس والتضييق على أهلها٬ محاولًا أخذها بالقوة والقهر فقط لأنه يرى بأنها هي مفتاح الدرعية٬ وليؤمّن لنفسه وجنده خط الرجعة إلى المدينة.
ـ كما أن محمد علي يفيد السلطان ما حصل لجنود ابنه إبراهيم من هزيمة عند قيامهم بالهجوم الأول والهجوم الثاني على بلدة الرس.
ـ كان أهل الرس في تصديهم لإبراهيم باشا يقفون في المواجهة أمام الجيش العنيف والسلاح القوي٬ ويقومون باقتناص جنود الباشا بالبنادق التي يعبئونها بملح البارود الذي يتم صناعته في الجريف. وبذلك أفشلوا الهجومين الذين نفذّهما جنود إبراهيم باشا.
ـ يفيد محمد علي بأن بمواجهة أهل الرس الأبطال لهجوم العسكريين من جنود الباشا (لم يتيسر الاستيلاء على القلعة)٬ وهذا اعتراف بقوة أهل الرس وتصديهم لابنه.
ـ كما أن محمد علي باشا يعتمد على قوة وتوفيق السلطان ودعواته لنصرة ابنه في الحرب. ويقول (وأن بالمدد الروحاني لسيد الكائنات ويمنى وتوجّه صاحب الخلافة فإنه سيوفق بالاستيلاء عليها).
ـ ويفيد محمد علي باشا السلطان العثماني أنه لابد من تزويد ابنه بالسلاح ليتمكن من مجابهة عدوه بقوة أكثر.
ـ وفي الوثيقة يؤرخ محمد علي باشا بداية الحصار بيوم: 25 شعبان من عام 1232هـ.
ـ كما يفيد الباشا في خطابه للسلطان أن قلعة الرس متينة البنيان صعبة المرتقى٬ وأهل الرس الذين يحاربون من الداخل كثيرون لذا يرى بأن هذا سبب استمرار الحصار؛ ليستميل عطف السلطان من أجل مدّ ابنه إبراهيم بالمدد العسكري.
ـ ويفيد الباشا بأن بلدة الرس هي (مفتاح للدرعية)۟٬ ويتفق في هذا مع رأي ابنه إبراهيم بأهمية بلدة الرس في الغارة على نجد.
ـ ويطلب محمد علي باشا من السلطان أن يدعو لابنه إبراهيم باشا بالنصر على أعدائه.