لا شك في أن الأنظمة والبرامج الجديدة التي تستحدثها وزارة الصحة تهدف بالدرجة الأولى إلى تحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمراجعين، وكذلك ميكنة، وتسهيل الإجراءات وتسريعها وحفظ الحقوق، وتقديم خدمة أفضل خاصة لمراجعي المراكز الصحية داخل الأحياء السكنية.
وقد أطلقت وزارة الصحة طريقة جديدة لحجز المواعيد من قِبل المرضى هي خدمة (موعد)، وهي عبارة عن تطبيق إلكتروني تقدمه الوزارة؛ لتمكين المستفيد من حجز مواعيده في مراكز الرعاية الصحية الأولية قبل حضوره، وإدارة هذه المواعيد بتعديلها أو إلغائها، أو إدارة مواعيده الأخرى في أي مستشفى يتم إحالته إليه.
وهي بلا شك خدمة جيدة ومفيدة، ولكنها لا تصلح في جميع الحالات، إذ من غير المعقول على سبيل المثال أن من يصاب بنوبة برد أو زكام أو أي حالة عارضة ويذهب للمركز الصحي، ثم يفاجأ بأن عليه أولا أن يأخذ موعدًا من منزله عن طريق التطبيق، ومن المؤكد بأن الموعد سيكون بعد يومين أو ثلاث على أقل تقدير إن لم يكن أكثر من ذلك، في حين أن معظم مراجعي مراكز الرعاية الصحية هم من أصحاب الحالات الطارئة كالزكام أو ارتفاع درجات الحرارة لدى الأطفال أو غيرها، وهي لا تحتمل التأخير إطلاقًا.
فهي خطوة جيدة وعمل رائع لو تمت دراسته بشكل أفضل ودراسة الحالات التي يمكن أن تنطبق عليها، إضافة الى أنه لم يتم الإعلان عن الخدمة بشكل كاف، فالإعلان مقتصر على المرافق الصحية التي وصلها المريض أصلا، ولم يكن قد حدد الموعد مسبقًا، ليفاجأ بالمسؤول في المركز يقول له: لا يمكن الكشف بدون حجز موعد !! وكأنه وجد مخرجًا ومهربًا نظاميًا من أداء واجبه.
وحتى إن عاد المريض إلى منزله وحدد موعدًا من الموقع وحضر في الموعد، فربما بعد الكشف عليه تقرر إجراء تحاليل، وهنا سيتفاجأ مرة أخرى بأن عليه أخذ موعدًا جديدًا لإجراء التحاليل، بل وبعد ظهور نتائج التحاليل يجب عليه أيضًا حجز موعدًا ثالثًا للحصول على العلاج المناسب أو الإحالة إذا تطلب الأمر، وهكذا قد يستغرق الأمر عدة أشهر.. وكأن الموضوع أصبح أشبه بمواعيد عرقوب !!
إن الأنظمة الإلكترونية وجدت لتسهيل الأمور وليس لتعقيدها وتأخيرها، فقد كان الأمر قبل استحداث هذا النظام لا يستغرق أكثر من يوم واحد فقط، حيث يحضر المريض إلى المركز، ويتم الكشف عليه وإجراء التحاليل وإعطائه العلاج المناسب أو إحالته إلى مستشفى إذا تطلبت حالته وقضي الأمر، أما الآن ومع هذا النظام الإلكتروني الجديد فإن كل خطوة تحتاج إلى موعد مسبق، وكل موعد يحتاج إلى عدة أيام وربما أسابيع وهلم جر.
فيجب أن تعيد الوزارة النظر في آلية تطبيق النظام، والتفريق بين الحالات الصحية الطارئة والحالات التي يمكن أن يتم تنظيمها بالمواعيد مثل مجال التطعيمات أو الأسنان وما إلى ذلك ..
ومجمل القول إن تطبيقًا كهذا يمكن أن يشكل نقلة نوعية في الخدمة الصحية، إذا ما روعي في تطبيقه الانضباط والدقة ودراسة الحالات، وأن تكون هناك أحكام وشروط ملزمة لجميع الأطراف ورقابة على التنفيذ، وحتى لا يتحول النظام إلى مجرد بهرجة إعلامية أو شماعة يستغلها بعض الممارسين الصحيين.