نعم..إنه الحج وقد تعاقب على وزارته رجالات صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تلك الشعيرة التي توليها حكومتنا السعودية حفظها الله جلّ اهتمامها، وليس أدل على ذلك، تلك الميزانيات الضخمة، التي تنفقها في مشاريع تنموية لبنى تحتية في جميع المجالات، وأجزم بأن جميع وزارات الدولة تعنى بالحاج بلا استثناء، في منظومة متكاملة يشد بعضها أزر بعض، برعاية مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، ليهنأ الضيف الكريم بأداء نسكه بيسر وأمن وسلام، يعم البلاد شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، بفضل من الله تعالى، وللحديث عن دور وزارة الحج والعمرة الكبير في تلك المنظومة المتكاملة، أستأذن عزيزي القارئ بالعودة للبدايات، ولأختصر المسافات بما تستوعبه الذاكرة، أكتفي بما جاوز الخمسة عقود مضت، يوم كنا نعيش الحج ببدائية شائعة، في كل الخطوات التي تفتقد حتى لأبجديات التنظيم أوالتخطيط المبكر لشؤون الحج، بوسائل النقل التقليدية البحرية والجوية والبرية، مع التركيز الأكبر على النقل البحري والبواخر العابرة للبحار والمحيطات، وما كان يستغرقه الحجيج من أسابيع طوال للوصول للمملكة، عبر موانئ بحرية كانت أيضاً بدائية في تلك الحقبة من الزمن، ولنترك الحديث عن الماضي وقساوته وما يحمله في داخلنا من الذكريات الجميلة، ونخوض في بحر الإنجازات التي دأبت وزارة الحج والعمرة على تنفيذها واقعًا ملموسًا، بعد أن كانت رؤى وأحلام يكاد يعدها من عاش تلك الحقبة الماضية، ضربًا من الخيال، ولكنها أصبحت وأمست حقيقة، بتضافر الجهود وهمم رجالات الوطن ونسائه، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، للإرتقاء بخدمات ضيوف الرحمن، وليس أدل على ذلك تواجد الوزارة في كل محتفل لإكرامها بجوائز منها على سبيل المثال، جائزة مكة المكرمة للتميز لعام ٢٠١٨ من لدن صاحب السمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، وعلى مستوى العالم العربي في محتفى جمهورية مصر العربية، وجائزة الشرق الأوسط للتميز الحكومة الذكية في الإمارات المتحدة دبي لعامي ٢٠١٥، ٢٠١٧، وجائزة الإنجاز للتعاملات الإلكترونية يُسر
الحديث عن أحلام ورؤى وزارة الحج والعمرة يطول، في ظل رؤية المملكة الحاضرة والمستقبلية، أوجزه من وجهة نظري المتواضعة بما قصر عن تناوله الإعلام، ومشروع طريق مكة الذي كان حلمًا حبيس الأدراج، وأصبح حقيقة بتضافر جهود العديد من الوزارات المعنية، بدءًا بوزارة الداخلية ممثلة في إدارة الجوازات ووزارة الصحة ووزارة الخارجية ووزارة الحج والعمرة، التي كان لخطواتها التي بدأتها بالمسار الإلكتروني وبرنامج سجل، وما يحمله من تقنية معلوماتية ضخمة ساهمت في تسهيل برنامجه، أوجزه باختصار لمن لم يسمع به، هو انتقال بعض الجهات المعنية بشؤون الحجيج في المملكة العربية السعودية، ومباشرة أعمالهم في مطارات دولة أندونيسيا ودولة ماليزيا، بحيث تتم كافة إجراءات الدخول والبصمة مسبقاً من بلد القدوم، ليتوجه الحجاج مباشرة من صالات المطارات إلى الحافلات، التي تقلهم إلى مساكنهم مباشرة دون توقف، بإعتبار أن جميع بياناتهم تم قراءاتها في مطارات بلدهم، من قبل موظفين سعوديين منتدبين من وزاراتهم لتلك المهمة، بل حتى حقائب الحجيج تصل مباشرة إلى مساكنهم بمكة المكرمة أو المدينة المنورة، بما يخفف عنهم عناء السفر وطوابير الانتظار في صالات القدوم، وقلق البحث عن الحقائب ونقلها على الحافلات.
وقد دشنت وزارة الحج والعمرة العديد من المواقع الإلكترونية وهواتف التواصل المجانية، التي يشرف عليها نخبة من الاستشاريين، للرد على كل الاستفسارات الواردة من داخل المملكة وخارجها، وفي ذلك تعزيز لتقنية وزارة الحج والعمرة في منظومة الحكومة الذكية المتوافقة مع رؤية المملكة، لتسهل على الحجاج والمعتمرين التعرف على أدق التفاصيل المعلوماتية، لتسجيل بياناتهم من بلدهم ليهنئوا بأداء نسكهم بيسر، إضافة إلى المبادرات الملموسة على أرض الواقع، ومنها برنامج مناسكنا الذي يحوي العديد من البرامج الهادفة للارتقاء بثقافة الحجاج عبر الأجهزة الذكية وبثمان لغات ويعد دليلاً للمواقع الجغرافية للمناسك بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وبرنامج منصة ضيف لتتبع الحافلات عبر أجهزة التواصل المحمولة، وبتقنية عالية تساهم في سلامة نقل الحجيج على الطرق البرية في دورة الحج بين مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، بالإضافة إلى البرنامج الترحيبي اشتاقت لكم مكة الذي تم تفعيله منذ عدة أعوام للإحتفاء بمقدم الحجيج عبر منافذ القدوم السعودية (البرية والجوية والبحرية)، وتشارك فيه معها الجهات الأمنية ومؤسسات الطوافة ومكتب الوكلاء والأدلاء والزمازمة، بالعديد من الهدايا الرمزية والتمور وماء زمزم والورود، وفي ذلك نشر رسالة حب وسلام نالت إعجاب الحجيج، الذين عبروا عن سعادتهم بتلك الحفاوة وحسن الإستقبال، بالابتهال إلى الله تعالى، أن يحفظ المملكة حكومة وشعبًا، على ما تقدمه من خدمات جليلة لضيوف الرحمن، ولو تجولنا حول المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، لوجدنا العديد من فروع مكاتب إرشاد التائهين وخدمات الضيافة، التي أنشأتها وزارة الحج والعمرة، وزودتها بموظفين أكفاء، يجيد بعضهم العديد من اللغات، وعلى قدر عالٍ من المسؤولية ودماثة الخلق، بمشاركة فاعلة من هيئة الكشافة السعودية،
نعم..إنها أحلام ورؤى تتحقق بخطوات ثابتة، لترتقي إلى طموحات وتطلعات قيادتنا السعودية الحكيمة، في زمن أصبح وأمسى الحلم حقيقة، بفضل الله ثم بهمم رجالات ونساء الوطن المعطاء، على مهد رسالة سيد الخلق نبينا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، ولهؤلاء الحاقدين على وطننا الغالي أختتم بالقول: نعم نحن بعون الله جديرون بخدمة ضيوف الرحمن، حجاجًا وزوار ومعتمرين، في وطن الخير سلمان بن عبدالعزيز سدد الله على دروب الخير والنماء خطاه، اللهم آمين.