نجاح رؤية (Vision) أي كيان (حكومة/شركة/مؤسسة/أسرة/…)، يتطلب عدة أسس ومنها تطوير الأهداف (الرئيسية/الفرعية/التفصيلية/الأدنى/فالأدنى) وكيفية قياس تحققها. ومن الأهداف التفصيلية لرؤية 2030 (تحسين أداء الجهات الحكومية) و(تطوير الحكومة الإلكترونية).
بناء عليه أنفقت الجهات الحكومية (أموالًا) لإطلاق مواقع إلكترونية أو تطوير مواقعها السابقة بما يتماشى والأهداف الجديدة للرؤية، ودشنت معظم الجهات الحكومية (وبعض كبار مسؤوليها) حسابات على منصة تويتر، وأعلنت أيضًا عن توفير رقم موحد (مراكز خدمة العملاء) لاستلام المقترحات والملاحظات والشكاوى. وأصبح وصول الاقتراحات والشكاوى للمسؤولين متاحًا آناء الليل وأطراف النهار، بلا حاجة (لوسيط) أو تحديد موعد مسبق معهم.
تحركات إيجابية جدًا في ظاهرها ولكن ماذا عن باطنها؟
ما هو المردود من تلك الأموال المنفقة على إنشاء المواقع الإلكترونية والرواتب المدفوعة لموظفي مركز خدمة العملاء؟ هل ساهمت في تحقيق (جزء) من أهداف المحور الأول من (رؤية 2030) بأن يكون المجتمع السعودي حيويًا ذا بيئة عامرة؟
متابعة بسيطة (لبعض) حسابات الجهات الحكومية يكشف لنا (ضعف) معالجتها لنسبة (كبيرة جدًا) من تلك البلاغات والملاحظات.
نجد أن بعض (كبارالمسؤولين) يعج حسابه على تويتر بالشكاوى والبلاغات المكررة التي تنتقد أداء جهازه وإهمال مرؤوسيه للبلاغات وبلا تفاعل إيجابي.
نجد تذمر المواطنين من شكاوى يتم إغلاقها (دون حل للشكوى) بواسطة موظف كسول لم يراع (الأمانة) المكلف بها! وأتساءل لماذا لا يتم اعتماد (التوثيق الثنائي) للبلاغ بحيث لا يغلق أي بلاغ مفتوح دون تسجيل الرقم السري المرسل لصاحب الشكوى (البلاغ/ الملاحظة) على جواله الخاص؟ وأتمنى أن يتم توجيه الجهات ذات العلاقة بالجمهور بإصدار تقارير أسبوعية (عن أرقام البلاغات التي تمت معالجتها) ونشرها على موقعها الإلكتروني.
نجد أيضا بلاغات يتم أحالتها لجهة (حكومية) أخرى وعلى المواطن (الحريص) أن يتواصل مع (الجهة الأخرى) حتى يعرف مصير بلاغه، على سبيل المثال لا الحصر، إذا ما سارع مواطن بإبلاغ (البلدية) عن تصدع طريق أو حفرة في شارع أو عدم سلامة جسر، فقد يأتيه الرد بأن هذا الموضوع لا علاقة له بالبلدية وأنه من اختصاص وزارة النقل أو المرور وربما غيرهما!
الهدف من تعدد قنوات التواصل بين المواطن والمسؤول هو تحقيق خطط ولاة الأمر ومساندتهم في تحقيق كل ما من شأنه تطوير الدولة ومساندة أجهزتها في أداء مهامها لتقديم الخدمات للمستفيدين (مواطنًا/مقيمًا) بأسلوب يتناسب وتطورات العصر وصولًا لمستقبل زاهر وتنمية مستدامة.
ولن تتحقق الأهداف مع ضعف المتابعة وتفرق المسؤولية حيث تلقي كل جهة باللائمة على أختها، وحيث إن من مؤشرات الأداء لرؤية 2030 هو (الانتقال من المركز 36 الى 5 في مؤشر الحكومات الإلكترونية)، أقترح تأسيس مكتب موحد للبلاغات والملاحظات (تأسيًا بما فعله مجلـــس الشـــؤون الاقتصادية والتنمية من إنشاء مكتب موحد للمشروعات)، بحيث يتولى هذا المكتب متابعة البلاغات والملاحظات عن (كل) أجهزة الدولة وبهذا يتمكن رأس الهرم الوظيفي المعني من متابعة البلاغات والملاحظات المسجلة (على وزارته أو أي إدارة تابعة لها) في أرجاء المملكة ومن ثم يتم رصد نسبة إنجاز كل جهاز حكومي٬ وعلى ضوء ذلك يتم تقييم الجهاز الحكومي ومنسوبيه.