نعيش هذه الأيام في أفضل ايام السنة على الإطلاق وهي عشر ذي الحجة وهي أفضل من جهة النهار؛ لأن فيها يوم عرفة، وفيها يوم النحر وهما أفضل أيام الدنيا، وفي المقابل فإن العشر الأواخر من رمضان أفضل من جهة الليل؛ لأن فيها ليلة القدر، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم،
ولعل الحديث في هذا المقال هو عن عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقًا وفضلًا، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم، ولابد على المسلم أن يحرص على استغلالها ومضاعفة العمل فيها٬ وهذا يتطلب من المسلم أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها فحري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، يقول تعالى:(وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)(النور) فالمعاصي والذنوب هي أبرز أسباب البعد عن الله فالحذر الحذر من الوقوع فيها، وكلنا بحاجة إلى ذلك فهي مهلكة للعبد ماحقة للحسنات
أحسن استقبالها
فاحرص أيها الحبيب على الاستفادة من هذه الأيام، وأحسن استقبالها بفرح وسعادة ومضاعفة للعمل والطاعة حتى تكون ممن ينالون شرف توزيع الجوائز في ختامها، وقد شرع الله للعبد في هذه الأيام أعمالًا منها لزوم ذكر الله قال تعالى:(ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وهذه الأيام كما هو معلوم أفضل أيام الدنيا فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري، وذلك لأن فيها يوم عرفةوهو يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً
عرفة اليوم والموقف العظيم
واعلم أيها الفاضل أن عرفة يوم عظيم، يجتمع فيه المسلمون على صعيد واحد بلباس واحد، وهم مقبلين راغبين إلى رضا ربهم وقبول حجهم، كما أن في هذه العشر يوم أن فيها يوم النحر وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني يقول أبو ثمان النهدي: وقد كان بعض السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.
أعمال أخرى في عشر ذي الحجة
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها، ويكثر منها في هذه الأيام أداء مناسك الحج والعمرة. وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه] كذلك من الأعمال الصالحة الصيام لشأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه، وفي فضل صيام عرفة قال صلى الله عليه وسلم :(صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم]. ويسن للمسلم أن يصوم كل تسع أيام من ذي الحجة، أو بعضها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها وفي الحديث”من صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفا) وكذلك المحافظة الصلاة وأدائها في المسجد، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)[رواه البخاري].كذلك من أهم أعمال هذه العشر التكبير والتحميد والتهليل والذكر: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد فينبغي للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله على الصدقة “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم”وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم
تنبيه
وبين يدي هذا المقال ةنبه إلى أمر، هنا أشير فيه إلى بعض ما يفعله البعض من بتر بعض المقاطع الصوتية لبعض العلماء، ومنهم سماحة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله؛ حيث تابعت عددًا من المقاطع له رحمه الله في مواقع التواصل الاجتماعي منقولة من اليوتيوب٬ وتكثر مانشر منها في الوتساب فيها بتر ويتم تناقلها ومحتواه مجتزأ منه، وهؤلاء هدفهم الإساءة للشيخ، لولا توفيق الله لبعض طلبة العلم ومحبي الشيخ من تصحيح ماينشر من تلك المقاطع المبتورة، وهو أكثر المشايخ تعرضًا لبتر مقاطعه وآخرها المقارنة بين عشر ذي الحجة والعشر الآواخر من رمضان، والتي فصل فيها في عدة مقاطع أخرى بينما تم نشر مقطع مجتزأ ومبتور، واغترب استقصاد الشيخ العثيمين بالذات، وربما هناك من اجتزأ من بعض هذه المقاطع واختار منه مايوفق هواه ونشره، نسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير، إنه جواد كريم.