فاتن حسين

المطوفون..وخدمات الجودة والتميز !!

حينما يكون عشق المهنة مهيمنًا على الكيان..يجد المرء نفسه منساقًا شغفًا وحبًا إلى كل تفاصيلها..ومهنة الطوافة انتماء للكثيرين الذين ولدوا وتربوا، والمهنة تسري في عروقهم، وتنصهر في شخصياتهم؛ ليكونوا خدامًا لضيوف الرحمن.

وبحكم انتمائي لهذه المهنة الشريفة، قد وجدت وبعض إخواتي المطوفات من المؤسسات الأخرى فرصة سانحة قبل يوم التروية؛ للذهاب للمشاعر المقدسة، والاطلاع على استعدادات مكاتب الخدمة الميدانية.. حرصًا على الاستفادة من معطيات العمل في التجارب القادمة؛ حيث أعطيت المطوفة فرصة لتكون في مجلس الإدارة ولأول مرة، وهي خطوة حتمًا سيتبعها خطوات أخرى طموحة.. وكانت بداية الزيارة لأحد المكاتب المتميزة وذات السمعة الجيدة في الجودة والإتقان، وهي تقدم خدمات الشريحة الأولى VIP. والسبب أن اطلاع الإنسان على أنموذج كهذا، يجعلك تكتشف بسهولة الثغرات الموجودة في الجهات الأخرى.

وبالفعل كانت سويعات من الإبهار فالاستعدادات ضخمة، وقد تكون من الأحلام- في الزمن الماضي- ويسرقك المشهد من الخارج فسور المخيم مميز بالطراز الإسلامي، والمخيم من الداخل جمع ما بين التشجير الطبيعي والتنظيم والإضاءة؛ وكأنك في منتجع سياحي.
وأيقونة النجاح كانت الخيام الجديدة المكيفة بتبريد عالي والمقاومة للحريق والحرارة، وقد فُرشت بالسجاد الأحمر وجهزت بالمراتب المتعددة الأغراض وكافة احتياجات المأوى المريح .. وتقسيمات خاصة وضعت لمخيمات النساء للحفاظ على خصوصياتهن، ومطابخ مجهزة بكافة أواني وطواقم الضيافة الراقية لأكثر من ألفي حاج – وهي حسب تعليمات الدفاع المدني- وطفايات تنتشر في عدة جهات.

وأما القيادة المشرفة على مخيم عرفات – فحدث ولا حرج – فهي العملة النادرة في الإشراف والمتابعة بحكمة وحنكة وتروي.. ومن التنظيمات الملفتة: وجود خريطة للمخيم وزعت عليها أرقام الخيام، ومواقع دورات المياه للنساء والرجال، ومخارج الطوارئ، وحدود المكتب من كل الجهات؛ مما جعل العقيد المشرف على المنطقة تعميمها على جميع المؤسسات، هذا فضلاً عن وجود أجهزة رذاذ الماء في الممرات لتبريد الأجواء، وتوجيهات صحية وأمنية بلغات الحجاج ..

بقي أن نقول إن دور لجان المتابعة والمراقبة في المؤسسات والوزارة مهمًا جدًا في نقل الخبرات الناجحة، وفي متابعة إنهاء الأعمال، والتأكد من جاهزية المكاتب وتسليمها قبل وقت كافٍ من طلوع الحجاج إلى التروية ..

نعم هذه صفات وإنجازات الكثير من المطوفين الذين يحفرون الصخر لتتفجر ينابيع العطاء فيقدمون شهدًا من الخدمات التي تسعد الحاج، وتلبي طموحات قيادتنا الحكيمة التي لم تألوا جهدًا في تقديم كل ما من شأنه توفير خدمات متميزة لحجاج بيت الله الحرام.

ولكن تبقى المشكلة الأزلية وهي: إن كل هذه الاستعدادات في المشاعر المقدسة، والعمل على مدار الساعة لأكثر من شهر ونصف تهدم كاملاً بمجرد خروج الحجاج منها، ويسلم المخيم كأرض خلاء؛ ليبدأ في العام القادم نفس السيناريو.. ومعضلة الهدر في الجهود، والأموال، والوقت لا تتناسب مع الرؤية الاقتصادية للمملكة !! فهل تتبنى وزارة الحج والعمرة مع وزارة الداخلية خطة عمل، تحد من سيناريو ذلك الهدر.

فاتن ابراهيم حسين

كاتبة وتربوية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أحسنت مطوفة فاتن.
    فما الحل مع هذا الهدر ؟؟
    في رأيي لو تتبنى وزارة الحج فتح قسم خاص بطرح الأفكار الخاصة بأي شيء في الحج ، ومفتوح للجميع وتسجل هذه الأفكار وتدرس ومن ثم يتم اختيار المناسب منها في تطوير خدمات الحج ومنها هدر الأموال كل سنة في الحج.

  2. الحمد للله على نجاح الموسم وتميز الجهود .. وتأكيدًا لتحقيق الرؤية 2030 والتى من اساسياتها راحة الحجاج والعمل على خدمتهم ….
    طرح فكرة تنظيم “مخيمات عرفة” كما تم تنظيم “مخيمات منى “يساهم في ايقاف الهدر بكافة أنواعه ، بل ويكون داعمًا في مواجهة التغيرات البيئية المفاجئةًكما حدث يوم التروية وما عاناه المطوفون في محاولة اصلاح المخيمات كان بمثابة سباق مع الزمن ..تضاعفت فيه الجهود .. طرح جميل ..?.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى