نفت السعودية عبر وزير الطاقة خالد الفالح ما تردد عبر رويترز بأنه جرى تسريح المستشارين الماليين لإدراج أرامكو مع تحول اهتمام السعوديّة صوب استحواذ مقترح على حصة استراتيجية في مصنع البتروكيماويات المحلي لسابك.
كان الإدراج المقترح للشركة الوطنية العملاقة ركنًا من أركان برنامج الإصلاح الذي يتبناه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والهادف إلى هيكلة اقتصاد السعودية، والحد من اعتماده على إيرادات النفط في عام 2016 من خلال إدراج محلي وعالمي متوقعًا أن تبلغ قيمة الشركة تريليوني دولار أو أكثر، حتى بدأ جيش من المصرفيين والمحامين المنافسة بشراسة على الفوز بأدوات استشارية في الطرح الأولي الذي اعتبر بوابة لصفقات أخرى من المتوقع أن تتدفق من برنامج الخصخصة السعودي واسع النطاق.
شركة أرامكو تواصل استعداداتها لطرح حصة من أسهمها للاكتتاب العام، وهو الأمر الذي يمثل حدثًا فارقًا تنتظره الشركة ومجلس إدارتها بحماس، لكن الإطار الزمني يعتمد على عدة عوامل بما فيها مناسبة أوضاع السوق وفي الوقت المناسب الذي تختاره الدولة، وكذلك في الوقت نفسه تقوم الشركة بعملية استحواذ محتملة في قطاع التكرير والكيمائيات التي ستقوم بها الشركة في الأشهر المقبلة.
وكشف التقرير السنوي لشركة أرامكو لعام 2017 الذي صدر عن الشركة في 17 أغسطس 2018 عن امتلاك الشركة السعودية 333 مليار برميل من احتياطيات النفط المكافئ، ما يعني أن التقرير يلقي الضوء على إنجازات استراتيجية للشركة خلال عام 2017 التي تعزز دورها كمنتج أول للنفط الخام والمكثفات على المستوى العالمي، وتساهم الشركة في إضافة قيمة مضافة عبر الاستمرار في دمج أعمال التكرير وإنتاج الكيميائيات، والجانب الثالث المهم التوسع في أعمال الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات السعودية المتنامية من الطاقة.
كان عام 2017 بالنسبة للشركة عامًا في غاية التميز والنجاح، فخلال هذا العام واصلت الشركة ريادتها العالمية وتحقيق استراتيجيتها طويلة المدى في التوسع في أعمالها لدفع عجلة النمو المحلية والعالمية.
ما جعل الشركة تواصل تعزيز شبكتها العالمية في قطاع التكرير والكيمائيات والتنمية الصناعية بإبرام اتفاقيات تهدف إلى تحقيق القيمة القصوى، ففي مجال التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما من خلال تحسين إدارة الموارد الهيدروكربونية في السعودية، من أجل تطوير احتياطيات جديدة في حقول جديدة، فقد اكتشفت الشركة حقلين نفطيين جديدين هما حقل سكب جنوب شرق حرض، وحقل الزمول في الربع الخال، إلى جانب مكمن جديد للغاز هو مكمن الجوف في حقل السهباء، وحقل مدين للغاز غير المصاحب لإنتاج 75 ألف قدم مكعبة قياسية يوميًا من الغاز الطبيعي و4500 برميل من المكثفات يوميًا، ومشروع الغاز في الفاضلي قيد التنفيذ لمعالجة 2.5 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، وكذلك توسعة معمل الغاز في الحوية الذي يتوقع أن يعمل في 2021 لتضيف أكثر من 1.1 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا لرفع الطاقة الإنتاجية للمعمل إلى 3.6 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا.
كذلك تهدف استراتيجية أرامكو في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من سلسلة المواد الهيدروكربونية من خلال التوسع والتكامل في هذا القطاع عالميًا، وتحقيق عائدات أعلى والمزيد من التوازن في تدفقات الإيرادات، حيث بلغت طاقة التكرير حاليًا نحو 4.9 مليون برميل يوميًا.
وخلال عام 2017 اكتملت صفقة الاستحواذ على مشروع موتيفا الذي يشمل أكبر مصفاة للنفط الخام في بورت آرثر في أمريكا الشمالية في ولاية تكساس، كما وقعت الشركة اتفاقًا مع شركة بتروناس الماليزية للمشاركة في مشروع التطوير المتكامل للتكرير والبتروكيماوئيات رابيد في ماليزيا الذي يشمل مصفاة طاقتها 300 ألف وطاقة إنتاجية من الأوليفينات تقدر بثلاثة ملايين طن سنويا ووحدات لتصنيع المواد الكيمائية، بجانب توقيع مذكرة تفاهم مع مجموعة نورينكو الصناعية في الصين لبناء مصفاة بطاقة تكريرية تبلغ 300 ألف برميل يوميًا.
كما بدأ تشغيل آخر معمل من المعامل البالغ 26 معملًا من معامل صدارة للكيمائيات وهو مشروع مشترك مع شركة داو كيميكال، ما يدخل صناعة الكيمائيات السعودية إلى عصر جديد، والتي تنتج 85 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا من غاز الإيثان و53 ألف برميل من لقيم النفتا.
كما وقعت شركة أرامكو مع سابك السعودية مذكرة تفاهم لتطوير مجمع متكامل لتحويل النفط إلى كيميائيات يتوقع أن تقوم بمعالجة 400 ألف برميل في اليوم من النفط الخام لإنتاج قرابة تسعة ملايين من الكيمائيات وزيوت الأساس سنويًا؛ إضافة إلى الوقود المستخدم في النقل.
وتعزيزًا لأعمالها في مجال توريد زيوت الأساس العالمية أطلقت شركة أرامكو السعودية أصنافًا من هذه الزيوت بالاشتراك مع عدد من الشركات التابعة المحلية والعالمية مثل لوبريف، وإس أويل، وموتيفيا، كما بدأت بيع زيوت أساس تحمل علامة أرامكو السعودية هي أرامكو ديورا وأرامكو بريما في السوق المحلية.
وواصلت الشركة في توسيع نطاق استخدامها للمواد غير المعدنية المبتكرة في أعمالها وشمل ذلك تمديد أنابيب غير معدنية لمسافة تجاوزت 2300 كيلومتر، وهو تطور يؤدي إلى تجنب تكاليف ضخمة عبر مراحل أعمال الشركة على المدى البعيد وهو ما يجعلها تنفتح على أسواق عالمية غير النفط في قطاعات التشييد والسيارات والطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات، فضلًا عن مشاركة أرامكو في دعم فرص التصنيع محليا.
كان عام 2017 عامًا متميزًا وعامًا استثنائيًا في إنجازات الشركة ونمو أعمالها، وأثبتت أنها الشركة من بين شركات الطاقة والكيمائيات المتكاملة في العالم، بجانب حرصها على تطوير التقنيات والمبادرات للحصول على قيمة أكبر من النفط وتحقيق التكامل وتنويع الدخل من خلال مجالات التكرير والبتروكيماوئيات، والمواد المتقدمة إلى جانب الاستثمار في مجالات البحث والابتكار والاستمرار في تقليل انبعاثات الكربون، وتحسين كفاءة أعمال الشركة.
هذه الإنجازات التي حققتها الشركة تتسق مع رؤية المملكة 2030، وهو ما يرفع من حقيقة قيمة الشركة وتقييمها التي قدرت بأكثر من تريليوني دولار عند الطرح الأولي والاكتتاب في بداية إعلان الطرح الأولي عام 2016، بينما اليوم في ظل ارتفاع أسعار البترول التي تتزامن مع إنجازات حققتها الشركة على المستوى المحلي والعالمي، وهناك إنجازات تنتظر الشركة إكمال تحقيقها في الأشهر المقبلة، حتى تنضج الظروف التي ستكون مناسبة عند الطرح الأولي لأسهم الشركة.
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة