المقالات

من لا يتطور يتدهور.. من لا يَتقدّم يَتَقادم

لفت نظري عنوان على غلاف أحد الأعداد لمجلة فوربس الأمريكية وتحديدا في عام 2007 يقول: (نوكيا تصل لمليار عميل، هل يستطيع أحد أن يلحق بملك الهواتف النقالة؟) والسؤال هنا أين هواتف نوكيا الآن؟ ربما يظن البعض بأن النجاح والوصول إلى القمة أمر رائع وهو في الواقع ليس دائمًا كذلك؛ لأنه يعتمد على الخطوة التي تليه. في بعض الأحيان يكون هذا النجاح أخطر ما قد يجنيه الشخص على نفسه، ولكن كيف؟ أحضر ورقة وقلم وارسم جبلًا كبيرًا كأشكال الجبال التي كنا نرسمها في مرحلة الطفولة ثم انظر إلى قمة الجبل، ماذا ترى؟ لايوجد شي سوى الرجوع للقاع مره أخرى. في علم الإدارة يمر أي منتج بأربع مراحل وهي دورة حياة المنتج، تبدأ بمرحلة الإطلاق، ثم النمو، وبعد ذلك النضج ثم الانحدار، لاحظ هذا الارتفاع ثم الهبوط -الذي يعتبر أمرًا طبيعيًا من سنن الحياة- قال تعالى ﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير﴾ الإنسان وكل شيء من حوله يمر بهذه المراحل من مخلوقات وجمادات مع اختلاف المدة الزمنية.

قيل “من لا يَتَقدّم يَتَقادم” غالبًا في اللحظة التي نخبر فيها أنفسنا أننا حققنا أهدافنا سنتوقف عن التطور، ونكون قد خطونا أول خطوة للخلف. جرب أن تضع لنفسك هدفًا تريد أن تصل إليه، إنقاص وزنك مثلاً، وفي منتصف مدة الحمية الغذائية أخبر نفسك بأنك فقدت لجزء كبير من وزنك أو أنك في مرحلة متقدمة من تحقيق الوزن المثالي، لاحظ بعدها كيف أصبح حماسك وسلوكك الغذائي، تدهور عجيب تعود إلى ما كنت عليه قبل الحمية من العادات الغذائية بل قد تكون أسوأ حالاً، وذلك لأن العقل استرخى واطمأن لأنه ببساطة أنجز المهمة!! شاهدنا الكثير من الأشخاص المميزين الذين أصابهم الجمود وهم في ربيع أعمارهم ولديهم الكثير؛ ليقدموه بينما بعض أقرانهم ممن هم أقل منهم علما وموهبةً وصلوا لعنان السماء والسر في التحسين المستمر، رأينا الكثير من الشركات التي كانت يومًا ما في المقدمة، واليوم نراها في آخر الركب، بل إن بعضها اندثر ولم يعد له وجود، لأن بعضهم ركز على الأرباح السريعة وغفلوا بأن الربح الحقيقي في الاستمرارية، وهذه الأخيرة تحتاج لعوامل كثيرة من أهمها كما ذكرنا سابقا هو التحسين المستمر؛ فلا يجب أن نكتفي بما حققناه من أهداف، قاعدة عملاء كبيرة وسمعة حسنة على سبيل المثال لا الحصر، ولا نهمل بناء قدراتنا فكل شيء أصبح متحركًا وسريعًا فالتنافس شديد، رغبات العملاء تتغير، تكنولوجيا جديدة تظهر، خطوط إنتاج أقل تكلفة، مهارات جديدة يحتاجها العاملون. العديد من الأمثلة من حولنا تقول لنا احذورا “من لا يتطور يتدهور”

إن الثقة التي تأتي بعد النجاح والإنجازات تجعل من الأمانة علينا أن نبحث عن جوانب النقص في أنفسنا وفي ما نعمل ولا نتوهم أن ماوصلنا إليه شيئا أبدي. يجب أن نحذر (من فخ المئة بالمئة أو تحقيق الأهداف) أخبر نفسك دائمًا أنه مازال لديك الكثير لتنجزه، دائما في أي عمل هناك دروس مستفادة وأخطاء تحتاج إلى تحسين بصورة مستمرة وهنا يأتي دورنا، قيم وراجع وحلل وطور أدائك ثم اتخذ القرارات المناسبة. أخيرًا إن وفقك الله تعالى وحققت أهدافك احتفل، ثم كافئ نفسك وبعد ذلك ارفع سقف طموحك وواصل العمل لكي تحقق نتائج متفوقة ومستدامة، وهذا هو السر القديم الجديد الذي أصبح اليوم من التوجهات العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى