هاني سعيد الغامدي

حقيقة الرؤية في عامها الثالث

بمجرد الإعلان عن الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030 ،عاش الشعب السعودي أجمل لحظات التنبؤ بمستقبل استثنائي، وبالفعل بدء الجميع يشعر ببعض البوادر الإيجابية والتي تلخصت على سبيل المثال لا الحصر في:
– تحقيق نمو في الايرادات غير النفطية.
– عزم ولي العهد في الرابع من نوفمبر بالقضاء على الفساد.
– إطلاق مشروع نيوم والقدية العملاقة.
– تحجيم نفوذ دعاة الصحوة الدخلاء على المجتمع السعودي.
– حزم القيادة على دعم الاستقرار السياسي بالمنطقة، والذي بدأ بقطع العلاقات مع قطر وتجفيف منابع الدعم الإيراني للإرهاب.

وتزامنًا مع تلك الإنجازات، لازال هناك ثلاث وزارات عاجزة حتى بأن تسير ببطء وفق مارسم لها بالرؤية، بل للأسف نراها اليوم تتراجع للخلف مما شكل إحباطًا ملموسًا لدى المجتمع السعودي المتطلع لتحقيق رؤية 2030

حان الوقت للنظر لأداء الوزارات العاجزة عن التماشي مع الأهداف الاستراتيجية للرؤية، والتي بلاشك أصبحت اليوم تشكل أحد التحديات التي لا يمكن السكوت عنها أكثر من مامضى، والتي أشبعتها وغيري من المهتمين بنجاح الرؤية بالعديد من المقالات، وفي ظل استمرار تجاهل الوزارات ذات العلاقة في التعاطي مع مايشار إليه في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي اليوم أصبحنا بأمس الحاجة لتدخل سمو ولي العهد بأقصى ما في وسعه لثقتنا بأنه رجل المرحلة القادر على إحداث تغيير إيجابي بشكل سريع في تلك الوزارات الثلاث التي تفتقر لتواجد الرؤية الإيجابية للتطوير والتماشي مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030 كونها ابتليت بقيادات لم تفعل شيئا سوى الجمود لمحدودية قدراتها وهي باختصار:

 

العمل والإسكان والفساد تشيع الإحباط في المجتمع

1- وزارة العمل ويتضح أداءها السلبي مع ملف التوطين الذي أصبح يسير بعيدًا عن المألوف، وذلك كونها تقوم بإدارة ملفين متعارضين كليًا وهما العمالة الوافدة والمواطنين. علاوة على ملف الشؤون الاجتماعية الذي أوكل لها مؤخرًا وأصبح اليوم يعاني أيضًا من الفتور، لذلك أقترح بإنشاء هيئة أو وزارة مستقلة للتوطين تتبع لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للحد من تنامي أعداد البطالة، والعمل باستقلالية مطلقة تتيح لها التماشي مع مارسم لها في الرؤية والمتضمن السيطرة على ملف البطالة وخفض نسبها إلى 7 % .

2- وزارة الإسكان التي وصف معالي وزيرها بأن الأزمة تكمن في “الفكر” دون أن يحدد إما أن كانت الأزمة هي في الفكر الفلسفي أم الفكر اقتصادي أو الفكر الاجتماعي أو الفكر التربوي إلخ حتى يكون بوسعنا التفكير معًا للوصول لحلول تجعل من الفكر واقعًا يلائم تطلعاتنا في تملك مساكن تحقق لنا الاستقرار، وتحقق لنا الحلم الذي أصبح معجزة لكل مواطن.

3 – الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أيضًا أصبحت اليوم ضعيفة تهتز في وجه التحديات، وظهر ذلك من خلال تعاملها ببطء في التعاطي مع بعض البلاغات كونها تفتقر للكفاءات. وإن المتخصصين القادرين على التعامل على سبيل المثال مع الشركات المساهمة الخاضعة لأنظمة حوكمة الشركات وأنظمة هيئة سوق المال، وذلك يبدو واضحًا من خلال الإحصائية المنشورة من قبل الهيئة مؤخرًا حيال أعداد البلاغات التي استقبلتها في النصف الأول من السنة المالية 2018 والتي اشتملت على (7861) بلاغًا وصرحت بأن المشمول باختصاصها فقط مايقارب 50% والباقي كالعادة تم حفظها؛ وذلك بكل تأكيد عائد إلى عدم قدرة الهيئة بإيصال رسالتها ورؤيتها إلى المجتمع لضعفها من الداخل الواضح في تعاملها بحزم مع حرب الفساد وحماية المبلغين، وأيضًا ماتم الإعلان عنه موخرًا حيال النسبة المتمثلة في أن 69% من موظفي الدولة لم يطلعوا على مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات المهنة خير دليل على أن الهيئة كانت غائبة عن دورها التوعوي للقطاعات المعنية باختصاصها.

وأخيرًا، الحاجة باتت ملحة إلى إعادة النظر في الوزارات غير القادرة على استيعاب الرؤية والمتسببة في الإحباط السائد بالمجتمع، وذلك لن يكون إلا من خلال استقطاب القيادات القادرة على اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية والخضوع للمساءلة عن أداء عملها، وإلا سنجد أنفسنا في مرحلة حرجة تكون فيها وزاراتنا غير قادرة على الإنجاز، وتحقيق تطلعات القيادة والشعب وسببًا في فشل الرؤية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button