المقالات

رحلة إلى المدينة المنورة (1)

ما إن رأيت الحجاج يتوافدون على منى حتى شعرت بالغيرة الشديدة بأن يكون لهم شرف التواجد إلى جوار ربهم لكي يؤدوا أحد شعائر الدين الإسلامي في حين أنني بعيدة عن هذا كله. لذا قررت مع الأسرة زيارة المدينة المنورة خلال أيام الحج؛ لنكون بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. على أن تكون رحلتنا برية كونه قرارًا متأخرًا، ولن نجد رحلات طيران في وقت ضيق. ولأنه كان لنا هدف زيارة لعدد من المناطق إن سمح لنا الوقت.

وحقيقة الأمر أني تفاجأت من الطريق البري، فقد بدأت رحلتنا من مدينة الرياض إلى القصيم ومنها إلى المدينة المنورة، رحلة استغرقت من ثماني إلى تسع ساعات. وخلال الطريق لم يكن هناك محطات مهيأة مثل تلك التي تم زرعها على طول طريق الرياض الشرقية ذهابًا وإيابًا. وكان واضحًا نقص الخدمات التي قد يحتاج لها المسافر.

وأهم ما يحتاجه المسافر خلال سفر يستمر لساعات طويلة هو دورة مياه.. والتي كانت في أسوأ حالاتها، ويصعب استخدامها من قبل الكائن البشري وعلى أي شخص يضطر إلى استخدامها أن يضع قناعًا على الأنف، ويشمر عن ملابسه بشكل جيد حتى لا تتسخ وعليه أن يتغاضى بكل جلد عن المناظر المريعة والروائح الكريهة.
ومما لا شك فيه أن سبب اتساخ دورات المياه يعود لسببين: الأول: هو ثقافة الناس، وفهمهم حول أهمية المرافق العامة. والثاني: هو نقص خدمة النظافة لها.

تشكل ثقافة الناس حول أهمية المرافق العامة العامل الأكبر، فعادة البشر عدم احترام ما هو مجاني؛ وكأن هذه المرافق مكب نفايات، وليس مرفقًا يستخدم من قبلهم ومن قبل غيرهم. فنلاحظ الاستخدام الخاطئ لدورات المياه فنجد القاذورات الشخصية والمناديل على الأرض، ناهيكم عن الرائحة التي يصعب التعامل معها.
ولحل هذه المشكلة لا بد من توفير دورات مياه بنظافة خاصة ورسوم دخول رمزية تدفع من قبل المسافر الراغب في استخدامها. والأهم أن تُمنع دورات المياه الملاصقة للمساجد حتى لا يرتبط اسم المسجد بدورات المياه العامة. والعامل الثاني هو عدم توفر خدمات النظافة للمرافق العامة. فلا نجد عاملًا مسؤولًا عن نظافتها قبل وبعد الاستخدام. وإذا تم وضع رسوم على استخدام دورات مياه قد يكون من السهل تخصيص عامل وعاملة نظافة لها.

ومثل إهمال دورات المياه يتم إهمال المساجد؛ لتترك في حالة سيئة من حيث البناء والنظافة وإن كان مسجد الرجال لا بأس به فإن مسجد النساء سيئ ومتسخ لا يصلح للصلاة بسبب تراكم التراب على السجاد والرائحة..
لقد كان للدولة جهود نحو حث ملاك المحطات بإعادة التأهيل والالتزام بمعايير معينة ومطابقة لاشتراطات لائحة تحسين محطات الوقود ومراكز الخدمة الصادرة عن وزارة الشئون البلدية والقروية. وهذا ماحدث على طريق الرياض الشرقية فنجد أن المحطات وعددها متوفر على طول الطريق وتوفر خدمات جيدة من حيث دورات المياه ونظافتها وإن كانت متوسطة، وكذلك المطاعم والخدمات الأخرى. إلا أن هذا لم يعمم على جميع الطرق البرية.

والطرق المؤدية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة تعتبر طرق مستخدمة من قبل الكثير من مرتادي السياحة الدينية. وبالتالي يجب أن تكون على مستوى عال من التأهيل. كما أننا يجب أن لا نغفل أن المملكة العربية السعودية أصبحت محط أنظار العالم أجمع ويجب أن تتحول؛ لتكون واجهة سياحية من جميع الجهات بما في ذلك الطرق البرية وخدماتها التي تشجع السائح ــــــــــــــــ سواء كان داخليًا أو خارجيًاـ ـــــــــــ على استخدامها. ولا بد أن يكون هناك تحول يضفي على المسافر ويشجعه على استخدام الطريق البري. فلا بد أن توفر محطات بخدمات جيدة ونظافة عالية ويلزم أصحاب المحطات بذلك. وقد تكون المحطة ومرفقاتها قريبة من المدن على الطريق السريع حتى يسهل توظيف عمال عبر خط سفر.

السفر بالسيارة يعتبر متعة إذا ما توفرت الوسائل والسبل على طول الطريق؛ لجعلها مريحة ويتيح للمسافر الاستمرار في زيارة العديد من المناطق التي لا تحتاج إلى طيران أو قطارات، وإنما سيارة تفي بالغرض لإيصالك إلى مناطق غاية في الجمال في بلادنا الحبيبة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button