يعتبر العنصر البشري هو المورد الأهم في موارد أي إدارة أو مؤسسة إذا ما أحسن استغلاله وتوظيفه بالشكل الصحيح ، لذلك فإن عملية توظيف الكفاءات حسب تخصصاتها وإمكانياتها، تعد هي العلامة الفارقة في نجاح أي ادارة ، والذي يُمكن من خلاله تحقيق الأهداف وزيادة الإنتاجية وتحقيق التوازن بين حاجات الأفراد وأهداف المؤسسة ، والمساعدة على خلق بيئة عمل محفزة للأفراد ومشجعة على تنمية واستغلال المهارات ، وتساهم في تطوير وجودة العمل .
ولكن مع الأسف هناك نسبة كبيرة من الكوادر الوظيفية – خاصة في القطاعات الحكومية- لا يعملون في مجالات تخصصاتهم أو حسب الشهادات التي حصلوا عليها ، وذلك إما عند تعيينهم من جديد أو حتى بالنسبة للموظفين القدامى من خلال القيام بعمليات النقل والتدوير بين الفترة والأخرى ، والتي لا تكون مبنية على مبررات منطقية ، مما يعد هدرا للقدرات ويسبب إحباطا لدى العاملين ، بالرغم من وجود ادارات وأقسام تتناسب مع تخصصاتهم في نفس الدوائر التي يعملون بها، ومع ذلك فإنهم يعملون في ادارات اخرى لا تتوافق مع تخصصاتهم أو امكانياتهم ، وذلك لأسباب متعددة تختلف من جهة لأخرى، إذ قد تلجأ بعض الجهات أو المؤسسات الى تعيين أفراد غير متخصصين أو في غير مواقعهم لأسباب عدة، منها التوفير المالي مثلا ، فتوظيف من هم غير متخصصين قد يكون أقل تكلفة ، أو ربما لوجود علاقة تربط الفرد بالإدارة العليا للمنشأة (كالواسطة)، أو لوجود صراعات شخصية وتصفية حسابات، أو لأسباب خاصة وتحقيق أهداف محددة في المحيط الاجتماعي للمنشأة ، فربما تكون هناك مصالح متبادلة بين القياديين ، تستأثر بقراراتهم في استغلال وتوظيف الكوادر الصغرى وفق ما يحقق أهدافهم أو مصالحهم الخاصة ، كل ذلك حتما سيؤدي الى إدارة مترهلة ومفككة ، وبالتالي إلى استنزاف الموارد وهدرها ولو كانت كثيرة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك نماذج عديدة من الموظفين في الادارات الحكومية ، يعملون في وظائف بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم ، فهناك فنيون يعملون في إدارات محاسبية أو قانونية أو في ادارات العلاقات العامة والاعلام ، وهناك أخصائيو محاسبة أوعلاقات عامة يعملون في الاتصالات الادارية أو في الاقسام الفنية أو في أعمال ميدانية ، بل والادهى من ذلك هناك مهندسون أو أطباء يعملون في مجالات إدارية وبعيدة عن تخصصاتهم ، وهكذا..!!
ففي معظم الأحيان يجد هؤلاء الموظفون أنفسهم مضطرون للقبول بأعمال ليست لها صلة بتخصصاتهم ولا تتوافق مع إمكاناتهم نزولا عند رغبة رؤسائهم ، مما قد يترتب عليه أضرار كبيرة على الصالح العام ، إضافة الى أن ذلك يعد هدرا للموارد والطاقات والكوادر التي أنفقت الدولة على تعليمها مبالغ طائلة.
للأسف ما زلنا لا نهتم بكيفية إدارة الموارد البشرية ولا ندرك أهمية إختيار ووضع الأشخاص المؤهلين والمتخصصين في الأماكن المناسبة وضرورة الإستغلال الأمثل لقدرات الأفراد وتوظيفهم حسب تخصصاتهم ، فهناك العديد ممن يستلمون زمام الامور والمسؤلين لا يزالون يعتمدون على الأهواء أو المحاباة أو الاجتهادات غير المدروسة في تعيين أو نقل الكوادر الوظيفية ، فيجب عليهم أن يسندوا الوظائف لأهلها ، للوصول بإداراتهم إلى أعلى مستويات التقدم ، وحتى لا يأثموا حينما يضعون الرّجل في المكان غير المناسب لأهليته ، لأنَّ جهله بمجال عمله وضعف خبرته وعدم تخصصه ستنعكس سلباً وفساداً على شخصيته وعلى الواجبات المكلّف بها.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فقد حث عليه الصّلاة والسّلام في العديد من الأحاديث النبوية على ضرورة وضع الرّجل المناسب في المكان المناسب لدرء الكثير من المفاسد على الأمّة والمجتمع ، حيث قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ” إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة “، قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال: ” إذا أسند الأمر إلى غير أهله” (الحديث) ، فهو بذلك يقدم لنا منهجاً علمياً كبيراً وبليغاً في العملية الإدارية ، ودرس يعد من أعظم دروس الإدارة الحديثة.. فعندما يتحدث رسول البشرية عن إسناد المسؤولية إلى من ليس أهلاً لها لأي مبرر ، فإنه يؤكد لنا بأن ذلك يعد ضياعاً لأمانة المسؤولية وبالتالي يمثل خللا كبير في السلطة الإدارية .
إن الاختصاص يعد هو الأساس في تطور الجوانب العملية ، وفي المقابل فإن العمل من دون تخصص لا يشكل أي إضافة فعلية في معظم الحالات، لأن الشخص المتخصص هو الذي يكون مبادراً وأكثر نجاحاً ولديه ما يضيفه ويفيد عمله في مجال تخصصه، ومن خلال استغلال قدرته وإمكانياته لإتمام عمله بشكل دقيق وسليم، ولمعرفة الجانب الذي يمكنه أن يتفوّق ويبدع فيه .
فعلاً كلام جميل استاذ اسامه ..اهنيك على اختيارك للموضوع والكتابه عنه ..هناك الكثير اصحاب التخصصات الضائعوون في الأنفاق المظلمه على سبيل المثال هناك مهندس يعمل في العلاقات العامه او هناك اخصائي علاقات عامه يعمل مساح على سبيل المثال او هناك مستشار يعمل في قسم الأسواق كـ رئيس .. لابد ان يكون هناك ترتيب لبعض الأمور واعطاء المهنه لصاحبها اعطي الخبز خبازه لو اكل نصفه