لم تدخل الدولة القطاع العقاري عبر مشروع سكني لتكون بديلًا للقطاع الخاص، بل دخلت لتحريك القطاع العقاري بعدما تعطل القطاع فترة طويلة من الزمن بسبب المضاربات على الأراضي واحتكارها، ولم يكن دخولها إلا لفك هذا الاحتكار وتسييل الأراضي.
بعدما نجحت الدولة في تحقيق أهدافها من أجل تحقيق أهداف الرؤية 2030 لتوفير المسكن الملائم للمواطن السعودي بأسعار مناسبة، وحتى دخول الدولة لم يكن بمفردها بل كان بمشاركة المطورين العقاريين، لكن يجب أن يتسلم القطاع الخاص الدفة بعد ذلك وتتفرغ الدولة في الإشراف والتشريع.
لذلك لجأت الدولة إلى مجموعة من الأدوات التي تحفز القطاع الخاص وبشكل خاص المطورين العقاريين على توسيع مشاريعهم وبث روح الطمأنينة لديهم في مستقبل هذا القطاع التي تكفلت الدولة بدعمه لتأمين السكن لكل فئات المجتمع.
بلغ إجمالي القيمة السوقية للمشاريع العقارية حتى إبريل 2108 نحو 50 مليار ريال وهي لا تتناسب مع حجم السعودية وأهدافها، فشرعت وزارة الإسكان ببرنامج وافٍ وهو البيع على الخارطة في ظل مطالبات بإنجاز عدد من الوحدات العقارية، إذ لا توجد مشاريع عقارية جاهزة في الوقت الراهن تكفي السوق تحت إشراف وزارة الإسكان لضمان تنفيذ المشروع وفق حوكمة العلاقة بين المطور العقاري ومالك الأرض.
من ضمن التحديات التي تواجه المطورين العقاريين التمويل فلجأت الدولة إلى عدد من الأساليب فوقعت اتفاقية لشراء محفظة تمويل من دار التمليك بمقدار 5 مليارات لسبع محافظ، وإطلاق القروض العقارية طويلة الأجل بنسبة ثابتة، وأصدرت شهادات إعفاء من الضريبة لنحو 5347 شهادة حتى بداية سبتمبر 2018 ورفضت فقط 780 طلبًا غير مطابق.
وتتجه الدولة نحو تنظيم المقاولين العاملين في القطاع العقاري وفق معايير تصنيف جديدة تتسم بالشمولية والشفافية تتماشى مع المعايير الدولية، لذلك تطالب تسجيل جميع المقاولين في الهيئة السعودية للمقاولين، وبلغ من تم تسجيله في الهيئة نحو 2000 مقاول بنسبة 1.5 في المائة من إجمالي المقاولين العاملين في القطاع.
تهدف الدولة لتوحيد معايير التصنيف لجميع المقاولين خصوصا وأنها مقدمة على تنفيذ مشاريع حيوية كبيرة مثل تطوير مكة المكرمة، ونيوم، والبحر الأحمر، وجدة تاون داون، والقدية وجميعها مشاريع كبرى وتحتاج إلى مقاولين ذوي كفاءة لتنفيذها، حيث ما زالت هذه المشاريع في مرحلة التصميم والدراسة لتطرح للتنفيذ، حيث تعتبر شركات المقاولين السعودية الأولى على مستوى الشرق الأوسط في الخبرة والإمكانات، لذلك تحتاج إلى دعم الجهات لتسهيل عملها خارج البلاد بحفظ حقوق هذه الشركات.
وهناك مبادرة جديدة من الإسكان لتحفيز القطاع الخاص تحت مسمى ضمانات المطورين بميزانية بلغت نحو عشرة مليارات ريال تقدم للمصارف والمؤسسات التمويلية كضمان مالي مقابل تمويل بعض المطورين العقاريين ممن امتنعت المصارف عن تمويلهم خصوصًا وأن لدى الوزارة مشاريع تحت الإنشاء قد بدأ العمل فعليًا على بنائها وتحتوي على أكثر من 15 ألف وحدة سكنية، وسيتم أيضًا البدء بمشاريع خلال الشهرين القادمين بنفس العدد من الوحدات.
تأتي هذه الخطوة للمطورين العقاريين استكمالًا لخطوة صندوق التنمية العقارية الذي قدم في عام 2017 ضمانات التمويل العقاري المتوقع يخدم شريحة كبيرة ممن هم على قوائم الانتظار، معلنًا عن توفير خيارات للمستفيدين مع شركات لا تشترط تحويل الراتب مما يوسع من دائرة نشاط المطورين العقاريين.
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة