المقالات

أبواق مأجورة

لا أدري هل العالم بكامله يعاني الحالة التي أعاني منها وكثير من الناس أم لا ؟ لماذا تختلط الأمور وتنقلب المعايير ؟
أليس حري بنا أن نراجع بواطن عقولنا لعلها أصيبت في مقتل ؟
كل هذه البواعث المشوشة تجعلنا كالذي تلقى ضربة موجعة على رأسه فاختلطت عليه الأمور ، وأكاد أجزم بأن المحرّك لتلك البواعث جهة معينة ومسيطرة ، فلا يعقل أن يستنفر العالم لمجرد شخص ليس سياسيًا ولا دبلوماسيًا ولا ينتمي لعائلة عريقة ، سوى أنه صحفي استخدم أداة هدّامة ضد وطنه ، فيا ترى ما المغزى من ذلك كله ؟

نعم وعينا ورأينا الحروب الطاحنة التي استرخصت الدم العربي والمسلم في آن ، بدءًا من الاحتلال الصهيوني صنيعة بريطانيا وأمريكا وانتهاءً بالربيع العبري المشئوم ، وهناك الآلاف من الشخصيات التي أزهقت أرواحهم دون وجه حق ، من سياسيين ومشاهير وعلماء ، ولا نسمع أحدًا ينبس ببنت شفة ، ما هذا ؟ أريد كأسًا من الماء البارد أحس صداعًا في الثلث الأخير من رأسي ، أو طبيبًا شعبيًا يسدد بحديدته المعقوفة -التي استوت نضجًا على النار – ويهوي بها على أماكن الألم وما أكثرها ! فما الصفات العجيبة التي يمتلكها “جمال الخاشقجي” لكي يقف العالم الكذوب نصرة له ؟ فبعد أن فشلوا في مخطط “هيلاري كلينتون ” و “توني بلير ” وقبلهم “البوشان ” أعني الأب وابنه ، فقد سعوا لدمار مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن وقبلها العراق ، وكان المخطط أن يكتمل لولا رعاية الله ولطفه ثم حكمة حكّام هذه البلاد الطاهرة ، فقد وقف الملك عبدالله رحمه الله تعالى حصنًا منيعًا وهويرى الدول العربية تتساقط الواحدة تلو الأخرى ، فشمّر عن ساعديه وأرسل صقرًا من صقوره الجارحة ليجوب العالم كله ويبين مكائد الأعداء ، فبرغم مرضه وكبر سنّه لم يألوا جهدًا في الحفاظ على ما تبقى من بقية وطن للعرب والمسلمين ، رحم الله سعود الفيصل وبارك في خلفه ، كل ذلك والسعودية درع حصين لكل دول العالم العربي والإسلامي ، فلا تئن ثكلى إلّا وتجيبها المملكة حكومة وشعبًا لبيك أختاه ! ولا يصيح مستغيث إلّا ويجد صدى استغاثته في وجدان ثلاثين مليون ، ولكن أين أصوات تلك الدول التي لم نسمع منها إلّا اليسير نصرة للمملكة في ظرفها ؟

مكانة المملكة لا يجهلها إلّا جاحد حاسد ، سواء دينيًا أو جغرافيًا أو سياسيًا وأخيرًا اقتصاديًا ، فهذه الأبواق المأجورة التي تتكلم بألسنتنا وترتدي أزياءنا ، وتنبح صباح مساء هل لها وجود -لاسمح الله- بعد المملكة ؟ هل بان واضحًا أن المملكة سيكون لها شأن بعد الله مع الأمير الشاب ؟ هل ستغيرالمملكةً موازين القوى وتنويع الاقتصاد والتسلح ؟

بات القريب والبعيد يرنو لنا بعيون الحسد والبغضاء ، سواء على مستوى الإصلاح الداخلي أو القوة الضاربة الخارجية ، ولذلك لن ترضى عنّا شعوب الأرض قاطبة ، والحل يكمن في الاعتماد الكلي على شباب الوطن؛ أحفاد الصحابة الذين جابوا مشارق الأرض ومغاربها على الخيول لإعلاء كلمة الله ، والنظر للعدو والصديق بعين الحاذق الفَهِم ، وعلى الشعب إدراك المخاطر ونبذ الدعوات التي تنادي بالتغيير ولنا في الدول المجاورة خير برهان “﴿أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون﴾ ، نحن سند لحكامنا وأرواحنا على أكفنا متى دعا الداعي نجيب شباب وشيبة رجالًا ونساء ، وعلى الباغي تدور الدوائر .

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى