تتألق وتتأنق سماء سيناء بالشعاع الحضاري (للجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية)، وانعقاد مؤتمرها السنوي الرابع المعنوّن «التراث والهوية بين الإبداع والتجديد»، يؤمن (منسوبو الاتحاد)، وهم الفئة النخبوية المثقفة من المفكرين المستنيرين والعلماء النبهاء والباحثين المختصين في تضاريس الحضارة والفكر العربي بأن الحضارة ثورة تدريجية في الإنسان لا يمكن أن توجد في الاستهلاك والمظهر والكماليات، وليست شكلًا أو لونًا خاصًا، إنها جوهر وحقيقة متسامية، توجد في الرؤية والفكر، ودرجة التهذيب، وعمق الإحساس، والعلاقات الإنسانية، والأخلاقية، و”نظام القيم”، وقوة الثقافة وغناها، والدين، والفن، ويؤكد أعضاء الجمعية بإبراز إشراق الجوانب الحضارية الإسلامية, التي ساهمت في إثراء الحضارة الإنسانية, التي لم تكن كيانًا منفصلًا عن الحضارات السابقة عليها والمعاصرة لها.
فحضارتنا نقلت مفاهيم الحضارة من منطقة العاطفة إلى منطقة العقل؛ مؤكدين أن أكسير الحضارة تراث إنساني مشترك، كما اشتهرت بصفة غالبة ببناء جسور حوار مع الحضارات الأخرى، ونشر أيقونة ثقافة الحوار، والتحلي بجذور التسامح والتكاتف وأسس التعايش وتقبل الآخر، جعلهم ينهلون من علوم الحضارات الأخرى؛ لذلك كان لها التميز والتنوع والتعدد والاستقلالية والاستمرارية والتوسع والانتشار؛ لذلك تنشد هذه القمة الفكرية، في لقاء(التراث والهوية) فتحت قبته يضم المتخصصين العاشقين لحضارتهم المشتغلين بالتاريخ والتراث والفنون الإسلامية في وطننا الممتد من المحيط والخليج ويفتح أمامهم أبواب النقاش العلمي والحوار الدافئ؛ لإبراز حضارتنا العظيمة الإسلامية ذات التراث المثالي، المتسم بخصوصيات وقيم تبرز حضارة الخلق والإبداع والبعث والإحياء بروح الانسجام والتكامل في حضارة منبثقة من الإسلام والعروبة.
تتطلع بلهفة وحرص المجتمعات العربية من أساطين قمم الجمعية (بملتقاها الرابع) بمدينة الذهب باستعادة بريق أمجاد حضارتنا المشرقة، لوجه الإسلام الوسطي، التسامحي، التعايشي وإزالة التشوه عنه، من تطرف وإرهاب، والقضاء على صوره، وأنماطه، وإعادة رسم ملامحها التنموية، والحفاظ على حاضر المنطقة وحضارتها، وتاريخها، وتراثها، وثرواتها، وأن الحضارة الإسلامية عالمية إنسانية كانت شمسًا مشرقة، وساهمت بشكل كبير في رفع التقدم والرقي والازدهار المرتكزة على بناء الحقول المعرفية والحقائب الفكرية وخلق الوعي الراقي، وقيم الحرية المنضبطة.
ولابد من تنسيق لتوحيد الصفوف كتلًا ومجموعات لمواجهة التحديات لتحقيق الأهداف المنشودة من استنهاض لهمة الأمة وإنقاذها من شعار التخاذل وبث روح النهضة الحضارية والإصلاح والتغيير والتنوير، وتغذية الشعور لدى الأجيال على الإبداع، والأفكار، وغرس قيم الفضيلة لمواصلة دورها الحضاري لصناعة حاضر مشرق ورسم مستقبل زاهر, واستثمار ما يتمتع به العالم العربي من تراث حضاري وإمكانات ضخمة، ومواقع استراتيجية وتنوع اقتصادي قوي، وكثافة بشرية؛ ليخرج من الهامش ويكون في المتن الحضاري؛ ليصنع الوعي وحركة الواقع الفكري والحضاري والثقافي.
ومضة:
(الأمم التي لا تجدد ثقافتها، وتروي حضارتها، لترتقي هي الأكثر تعرضًا للإهانة والخطر)