تظهر قوائم الهيئة السعودية للمهندسين أنها تضم أكثر من 200 ألف مهندس، فيما يصل عدد المكاتب الهندسية إلى 2362 مكتب موزعة على نطاق الوطن الكبير، وتحتكم مدينة جدة لعددٍ مقدر من هذه الأعداد، إلا أن هذه الأعداد، ومن خلفها آليات أمانة جدة فشلت -حتى الآن – في تنظيف ثوب العروس من التشوهات التي اعترتها على مدى سنوات طوال من عمرها المديد.
الكرة الآن تدحرجت نحو ملعب أحد أبناء جدة الأجواد… رجل أعمال واقتصادي وإداري من طراز فريد… تتابعه “عيون جدة” بشغف ولهفة، وتعقد عليه أملًا عريضًا في تغيير ثوبها الذي مزقته الثقوب، ثقوب من فعل أبناء غير بررة لهذه العروس، شوهوها عن عمد، فكانت كوارث الأمطار التي طالت أنفس بريئة جراء اختلالات تصميمية أصابت الخصر النحيل لعروس البحر الأحمر ذات مساء مقطب الجبين غضبًا من هؤلاء الأبناء النشاز.
واستبشرت العروس بتصريحات أولية لأمينها الجديد صالح التركي، فهو خبير بمواطن الألم، خاصة ملف العشوائيات، وتطوير مواطن الضعف، وتحسين علاقة المدينة وسكانها ببحرها اللازوردي.
العشوائيات من أهم الأخطار التي ظلت تحدق بهذه المدينة الحبيبة، انفلات وتشوه بصري يضع خناجر حادة على خاصرة العروس، وتمنع استكمال “استكانتها” وهي متكئة على شاطئ البحر كمثيلاتها من المدن البحرية في كل أرجاء العالم.
التاريخ والحاضر يحكي عن ثراء جدة التاريخي، وثرائها الاقتصادي، والاجتماعي، وإنسانها المحب وهو يحمل أوراق الورد علمًا وعملًا، متأهبًا لتحويل مدينته إلى “نيويورك العرب”، فكل المتطلبات والمؤهلات متوفرة، تدفعها إرادة ومحبة خاصة للمدينة التي تشكل بوابة الحرمين الشريفين، لكن هذا الواقع لم يشفع للمدينة أن تتقدم نحو موقعها الطبيعي في طليعة المدن العالمية.
الآن، جاء التركي يحمل بين يديه أيقونة، تمثل حزمة حلول وعلاج ناجع لآلام جدة المستعصية، وهو ابنها الخبير بمواطن الألم، فاستبشر به الجميع سكانا ومحبين، فهل يا ترى سيكون على يديه التحفيز الاستثماري، والتحسين الحضري لرفع العوائد الاقتصادية، وتغيير طبوغرافية المنطقة إلى النسق العالمي، بما يحقق أماني محبيها؟
الواجهة البحرية لهذه العروس تستحق أن تتحول إلى عالم من الأبراج والبنايات بمواصفات المدن الراقية، كما أن المتنفسات الخضراء ينبغي أن تجد الاهتمام كونها تمثل الرئة الطبيعية التي تتنفس من خلالها مدينة جدة عاصمة المدائن.
جدة أول … جدة آخر
جدة أمواج وبواخر
ما صعيب إلا سهلها
وأحلى ما فيها أهلها