للقاريء الذي لايعرف علي بن كرمان ولم يسمع به من قبل
هو رجل مسن بسيط يعيش حياة هادئة في بلدته (سبت الجارة)
أشتهر بعض مقاطعه وتعليقاته حتى تحولت جزء من ذاكرة وحديث الناس على غرار:
“لا.. علمني
لاتخليني لا ني مفكوك(ن) ولاتي مقيد(ن)”
الطريف هنا أن البعض يقارن هذه المقولة البسيطة
بمقطع من أغنية السيدة فيروز :
“لاقدراني فل ولاقدراني أبقى ”
بالعودة إلى علي بن كرمان الذي تحول يوميات منتظره
ورحلاته بين سبت الجارة والقنفذة وجدة
وسفره إلى جمهورية مصر
ولحظاته المنقولة عبر السناب شات والواتس أب حين يمضي وقتا في محلات اللياقة
والحلاق وأمام الأهرامات وجولته في القناطر وصولا إلى زواجه مساء البارحة
الذي تحول حدثا اجتماعيا تداعى له جمهور السوشال ميديا
في لحظة راسخة تشير إلي يقين الحضور المكرس له سلفا وقصة المسافة بين المتن والهامش
التي تتضاءل
و هو في الوقت ذاته بساطة الإنسان وعفويته ووقار حنيننا إلى مداءات بعيدة
نحتاج السفر إليها عبر اللقطة
وأنا أتابع تحويل حياته البسيطة إلى يوميات
صنعها من يستمتعون بألق إستعادة سيرة حياة البسطاء
أستحضرت مقولة “مالرو” :
(ينبغي أن نحاول توعية البشر ” البسطاء” على العظمة الكامنة فيهم والتي يجهلونها)
تبدى لي مع يومياته أن وسائط التواصل الإجتماعي يمكن أن تكون نافذتنا على مالا نعرف عن أنفسنا
وربما أشبه بملاذ لما يوشك أن يندثر من حياتنا
بين لوم الكثيرين لأولئك الذين صنعوا من يوميات “علي بن كرمان” مادة على السوشال ميديا
أتساءل هل يحق لنا شكر عبدالعزيز الصمداني وفريقه الذين ذهبوا نحو جعل بن كرمان
مادة محل تداول ومتابعة
وأضاءوا لحظاته بقنديل تلك العظمة التي أشار إليها مارلو بجعلها مرئيا
هذه الاشتغالات التي كان يبرع فيها الأديب
كثيرا فعبدالعزيز مشري_ مثلا _كان أستاذ جيل في جعل الكتابة طريقا لخلود عويد التهامي
بنقله من مخيال الحكاية الشعبية الشفوية إلى نصوص الحكاية وعلي الشدوي نقل عدد من شخصيات قريته في جبل شدا والمخواة إلى بطون كتبه مثل “الحلو في مرحه وجذله وغيه”
وفيكتور هوجو صنع من (أحدب نوتر دام) رواية لها شهرتها
وغيرهم كثير من النماذج الأدبية التي اشتغلت على البساطة.
مهمة الأديب عسيرة
أكثر من المشتغلين بالسوشال ميديا
حيث على الأديب الاشتغال على بعض عناصر شخصياته وحكاياته لتحويلها إلى عناصر فاعلة في نظام مكتوب.
بقدرأقل يشتغل المهتمون بالمرئي على شخصياتهم حيث لاتحتاج المهمة إلا القليل من الاشتغال بحسب ماتتطلبه المشهدية وهو ماصنعه الصمداني مع بن كرمان حين حوله وفق رؤية فنية تستنجد بشرط الميديا التي تتغيا إنقاذ البساطة من الموت وتحويلها نظام مرئي ينقلها من هامشها الذي تطمئن إليه إلى عنصر حي من عناصر الثقافة المرئية والتي بتداولها الناس بكثافة