في أمسية تعارفية عابرة من ليالي بدايات الشتاء المكي. وفي ليلة جميلة لعدد من محبي قروب ديوانية مكة ضمت أشخاص فضلاء من مختلف المشارب الاجتماعية، وبمختلف الخبرات الحياتيةالمتميزة العلمية، والعملية ، تفضل الدكتور الفاضل عبدالله القاسم وهو بالمناسبة من أهالي مكة المكرمة ، وعمل مستشارا في عدة وزارات منها وزارة الداخلية، ووزارةالتعليم، وغيرها من الوزارات.. تفضل بكلمة قصيرة؛ لضيق الوقت عبر فيها عن تعجبه الشديد؛ لتدني بعض الخدمات المقدمة للمواطن على المستوى العمل الرسمي أوالعمل التجاري . فكان كل مايبدي تعجبه الكبير من سوء الخدمة للمستفيد يجد الإجابة حاضرة عند الآخرين : مشي حالك ياسيد .. فتزيد من دهشته لماذا يقبل المستفيدون خدمات متردية ؟
وفي جلسة جانبية مع الدكتور الفاضل.. أحببت التعرف عن قرب عن سبب كل ماذكر من مواقف مخجلة. وخاصة هنا في البلد الأمين. فاختصر الحديث كله بعبارة محددة وهي : ” غياب الجودة “. وبالفعل الجودة في أغلبها لدينا هنا في مكة المكرمة تحديدا عبارة عن شعار زائف يرفرف فوق رؤوس المنظرين فقط .. ولازلت أتذكر وفي لقاء رسمي بين المدرب والمتدربين.. وقد أسهب المدرب كثيرا في الحث بضرورة المسارعة في تنفيذ عمليات الجودة الشاملة في المبنى الحكومي. وقد غاب عن هذا المسؤول أن الجودة تحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة لا قصص تروى،وأحاديث تعطى .. بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين سأله أحد المتدربين عن مدى تطبيقها في القيادة العليا أي في الوزارة نفسها ؟ فأخذه الغضب الشديد من النقد البناء. وبذلك عرفنا أن الجودة الشاملة لدينا تعني من الآخر الكلام الحر في الهواء الطلق .
إن على الباحثين عن إمكانية تطبيق الجودة الشاملة في الإدارات الدنيا.. البحث أولا وبشدة عن حقيقة تطبيقها في الإدارات العليا ومن ثم الإدارات الوسطى وهي بطبيعة الحال ستطبق تلقائيا فيما دونهما. وهذه شركة الزيت العربية العملاقة.. “أرامكو السعودية” لاتبحث عن المزيد من العبارات الفضفاصة، والجمل الرنانة.. فقد أخذت الجودة من أقصروأفضل الطرق. وأصبحت منهج عمل، بل هي في الحقيقة منهج حياة، ولا تباعدها كثيرا شركة سابك في الفكرة والتطبيق. وهي فرصة مواتية لجميع الجهات الحكومية المعنية؛ للاستفادة الشاملة في ظل التحول الوطني 2020 ومن ثم الرؤية 2030 مع ضرورة تقديم الدعم المناسب من وزارة المالية. ومن لا يستفيد من مثل هذه الفرص الوطنية المستحقة فبإمكانه أن نقول له مشي حالك يا سيد.. وإن أزعجت الدكتور عبدالله .