منذ فجر التاريخ والبشر في صراعٍ مستمر لا يتنبّأ أحد بسبب الخلاف بينهم، فــربما يكون لسبب جوهري لا يمكن تأجيله أو التقاعس عنه، وهذا يسمى نداء الواجب كحماية “الوطن أو العرض أو الدين”، وربما يكون بسبب تافه لا يذكر، ولكن هناك من أشعل فتيل المشكلة وأوغر الصدور لتحْدث ليستفيد من مخرجاتها.
أحبتي:
لقد مرت الأرض بمراحل انتقالية في وسائل الحروب بين البشر بدأً بحرب العصا والحجر، ثم السيف والرمح فـحرب البندقية والمسدس. ثم حرب الدبابة والطائرة سواءً التقليدية أو النووية حتى وصلت إلى وسيلة لا تكلف جهدًا، وهي الإعلام ونعني بذلك (تأليب الرأي العام ضد حاكمه)، وتسمى هذه الحرب “حروب الجيل الرابع “.
قبل البدء في شرح خطورة هذه الحرب الضروس، يجب أنْ ندرك أنّ القوى العظمى وصلت إلى هذه الفكرة الجهنّمية بعد تجريب كل الوسائل الممكنة دون وقوع خسائر في طرفها، ولكن دون جدوى.
لذلك لجأت إلى تطوير التقنية التي يساهم في عملها الأفراد من الناس بشكل مجاني حتى أًصبحت هي المحرك لحياتهم اليومية، بل صارت هي حلمهم وطموحهم ومقياس المعرفة والنجاح والفشل لديهم.
مما جعل تلك الدول تؤمن بأنّ الإعلام أصبح سلاحًا مهمًا يمكن استخدامه كــــعصا لتأديب القيادات التي لا تنصاع لرغباتها، حيث تحرّك شوارعهم بإشاعات يقودها أشخاص وهميون أو مستأجرون أو ممن باع “ذمته ودينه ووطنه” من أجل دراهم معدودة، فتقع القيادات في الفخّ لتحافظ على كراسيها فتقوم باستخدام الأسلحة التي تشتريها من تلك الدول ضد شعوبها. أو ربما تقوم تلك الدول بالابتزاز الإعلامي عبر مواقع التواصل لتفعيل أجندة أهداف تريد الحصول عليها من تلك القيادات، فترضخ خوفًا على أماكنها.
إنّ الاعلام أصبح اليوم صناعة مهمة تفـوْق البترول والذهب؛ حيث فـطِـنت بعض الدول لأهميته فسخّرت كل الإمكانات للنجاح فيه لكي يكون سيفها ودرعها الذي تقاتل به، ويكون حمامة سلامٍ لرسائلها التي تريد تمريرها للآخرين، ويكون صوتها الذي يرعب منافسيها وخصومها.
لذلك كانت رؤية 2030 تُأكّد أنّ الإعلام السعودي يجب توطينه لكي يصبح نقيّا في طرحه من الشوائب التي كان يحاول البعض تمريرها عبره أو تحقير إمكانياته.
والسبب يعود أنّ كثيرًا من القنوات المحسوبة على السعودية سيطر عليها ثلّة ممن لا ينتسب لهذا البلد “دينًا وعرفًا وأخلاقًا”، وساهم في تمكينهم عُبــــّــــاد الدراهم الذين لا يعنيهم اسم وسمعة وطنهم.
مما جعل في صوت الإعلام السعودي ثغرات ينْفذ منها أصحاب الأجندة المغرضة، ناهيك عمن يحجّم الصوت الوطني لكي لا يصل كما يجب وقد شاهدنا ذلك جليًّا في قضية “خاشقجي” كيف أنّ الإعلام المحسوب علينا لم يتعامل مع القضية باحترافية بل كان منسحباً من الساحة؛ وكأنّ القضية لا تعنيه أو بمعنى آخر أنّه لا يحترم الشارع السعودي.
لذلك:
يجب على وزارة الإعلام الموقّرة بقيادة الأخ د. عواد العواد أنْ تبدأ بحملة تنظيف شاملة للقنوات المحسوبة علينا، وتعيد فرض الأجندة والصوت السعودي بقيادات إعلامية سعودية تشمل كل المجالات سواء في التلفزيون أو الإذاعة أو الصحافة ومحاسبة المتقاعسين أو المقصرين عن نداء الواجب الوطني في الحقل التابع له.
كما أرجو من معاليه تمكين الشباب والشابات السعوديين من خريجي كليات الإعلام في جامعاتنا من العمل تحت مظـلّة الوزارة قبل أْنْ تتـلقّـفهم الأيدي القذرة التي لا تريد لهذا الوطن خيرا فالمغريات كثيرة عبر وسائل التواصل؛ لتجنيدهم كإعلاميين متعاونين في قنوات وصحف مشبوهة أو معادية.
وكذلك ليتم توجيه الشارع السعودي عبر أيدٍ أمينة فأفق الإعلام أصبح اليوم مفتوحًا والبدائل كثيرة، لكن بعزيمة شبابنا السعودي سيتم الحفاظ على الرأي العام من أي تأثيرات تريد زعزعت الأمن الاجتماعي والوطني.
همسة:
الوطن أمانة يجب أنْ نحميه بكلماتنا وأرواحنا.