المقالات

عن المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية في مكة

تحت  رعاية كريمة  من خادم الحرمين الشريفين  الملك سلمان بن عبد العزيز  نظمت  رابطة العالم الإسلامي  برئاسة معالي الأمين العام الشيخ الدكتور/ محمد عبد الكريم العيسى المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية مخاطر التصنيف والإقصاء؛ وذلك  بحضور  أكثر من ألف عالم من  مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية اجتمعت  في مكة المكرمة؛ لتناقش سبل وآليات وإجراءات الوحدة الإسلامية دون إقصاء أو تمييز أو  تكفير أو تبديع أو تفسيق. 

تشرفت  بحضور  هذا المؤتمر  الذى كان  استثنائيًا في نوعية حضوره، وفي عدد المشاركين فيه، وفي المواضيع التي  تطرق لها المحاضرون، وقد كان  لكلمة  خادم الحرمين  الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز  التي ألقاها باسمه  الأمير خالد فيصل  أمير مكة المكرمة  أثر كبير في الحضور الذين خاطبهم قائلًا: إنكم تجتمعون اليوم لمهمة ليست بالهينة؛ نظرًا لكونها تعالج تراكمات كثيرة وعداءات أكثر من الناقمين  على أمة الإسلام الذين يجردون حملة شرسة على وأخلاقها وثقافتها وحضارتها، وينسبون للإسلام ما ليس فيه مستغلين انحراف الغالين في الاتجاهين، لكنكم بعزائمكم القوية وعلمكم الراسخ قادرون -بإذن الله- على تحقيق  هذه الوحدة الإسلامية الجامعة  حلم أبناء أمتكم على امتداد المعمورة.

معالي الدكتور العيسى في كلمته قال: إن الأمة الإسلامية أرهقت من جراء  السجالات العقيمة بين المذاهب، وحانت لحظة الوحدة، ودعا إلى أن يتفهم المسلم أخاه المسلم،  ويحسن ظن به مبرزًا أن رابطة العالم الإسلامي  تسعى إلى  تحقيق تطلعات المسلمين  في تعميق وحدتهم  واعتصامهم  بهديهم الإسلامي الجامع لهم. 

الشيح محمد الحافظ النحوي رئيس التجمع الثقافي الإسلامي بموريتانيا وغرب إفريقيا، والذى كانت  كلمته خاتمة لكلمات الوفود المشاركة  أكد على أهمية هذا المؤتمر  لدلالة الزمان والمكان؛ مؤكدًا وقوفهم مع المملكة العربية السعودية قيادة وشعبًا في وجه أي استهداف خارجي, مثنيًا على الدور الريادي الذي تقوم به رابطة العالم الإسلامي بقيادة  الدكتور/ محمد  عبد الكريم العيسى  في نشر ثقافة الاعتدال والوسطية، وقدرتهم على جمع هذا العدد الكبير والاستثنائي من علماء الأمة؛ مبرزًا على أن الاختلاف سنة كونية، وأنه مصدر قوة لا ضعف إذا تم استثماره أحسن استثمار مؤصلًا لذلك من الكتاب والسنة.  

لقد  رسمت رابطة العالم الإسلامي لوحة  مميزة للأمة  بشتى أطيافها، وصدرت عنه توصيات مهمة، ويمكن  اختصار  لعدد منها في النقاط التالية:  

– دعوة المسلمين للتمسك بالاسم الجامع الشريف الذي سمّاهم الله به، فهو سماكم  بالمسلمين من قبل.  

– نشر ثقافة الأخوة الإسلامية، والتحلي بالصدقية والموضوعية في التعامل مع القضايا البينية. 

– رفض  ظاهرة التهجم على رموز المذاهب الإسلامية، ومنع  التظاهر على منتسبيها  بالتتكفير، والتسفيه، والامتهان، والازدراء. 

– تمكين كافة المكونات المذهبية والثقافية من  ممارسة  شعائرها  بحرية واحترام  خصوصيتها، والتفرقة بينها وبين حقها  في المحافظة  على هويتها  الثقافية والاجتماعية. 

– رفض السجالات   العقيمة  بين   المذاهب والطوائف  مهما تكون  ذرائعها  العلمية والفكرية، واعتبارها مسعرة  الغلو الطائفي  ومثيرة للفتنة، وأن درأ مفاسدها  يكون مقدمًا على جلب مصالحها على فرض التساوي فكيف بها، وقد غلبت مفاسدها مصالحها.  

إن الأمة الإسلامية عانت  طيلة قرون من  تبعات التكفير والتفسيق، والتبديع وإصرار كل مذهب  على أنه  على الحق، وأن غيره  على باطل، وباعتباره  الفئة الناجية، وأن البقية كلهم في جهنم  خطاب طالما استمعنا إليه، واكتوت به مسامعنا  لكن مؤتمر  الوحدة الإسلامية، وفي وثيقته التاريخية، طالب بوضع  حد  لهذه السجالات، وأن يعمل الجميع  تحت  قاعدة؛ لنعمل فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه. 

إن الأمة اليوم  تحتاج إلى هذا الخطاب الجامع الذي لم يقصِ ولم يهمش أحدًا،        وإن  رابطة العالم الإسلامي وفقت توفيقًا كبيرًا في جمع  هذه الكوكبة من العلماء  والمفتي وصناع الرأي في البلدان الإسلامية، كما أنها وفقت في اختيار المكان  “مكة المكرمة”؛ حيث انطلق الهدي النبوي، وانطلقت دعوة الإسلام الأولى؛ حيث البيت الحرام  قبلة المسلمين مأوى أفئدتهم وقلوبهم, واختيار ربيع الأنور كتاريخ لهذه التظاهرة المباركة. 

سيكون لهذا المؤتمر أثره، كما أن بيانه الختامي سيظل وثيقة تاريخية إسلامية لما احتواه من  توصيات مهمة وجامعة.

إن أي استهداف  للمملكة  العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين هو يعد استهدافًا للأمة جمعاء، هكذا عبّر أكثر من 1200 عالم من شتى أرجاء العالم الإسلامي  اجتمعوا في مكة المكرمة؛ ليصدروا  وثيقة تاريخية يمكن أن تؤسس  لميثاق جديد بين الطوائف الإسلامية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button