محمد ربيع الغامدي

الثالثة والثلاثون

حرفيا عن قلم الأستاذ أحمد فاضل الزهراني
———

تهنئة بالعام الجديد وصلتني من ابني وأخي وأبي المحامي أحمد فاضل الزهراني، أعيد نشرها هنا لسببين: خروجها عن مألوف التهاني وهذه الحياة التي تترقرق بين أسطرها:
“ها انا أكتب لك قبل ان ادخلها وقبل ان يُغلق باب عامي هذا: احببت ان أخبرك بأني أجدد محبتي لك وبأني أرجو ومن كل قلبي أن تكون سعيداً على الدوام. كان من الغريب هذه المرة أنى اعتقدت بأن عمري سيكون ٣٤ وحين راجعت تاريخ ميلادي وجدت أنى كَبّرت عمري عاما والحقيقة فقد سعدت كثيراً حين صغرت عاما. فقط لأني اكتشفت ان العمر مجرد رقم وليس للرقم اهمية ازاء الشعور، ربما لأنها كانت سنة أصعب من مثيلاتها شعرت بهذا الشعور وسأخبرك عما وجدت في هذه الحياة:
هذه الحياة عبارة عن معادلة دقيقة وهائلة في عدالتها، فكل ما تزرعه ستحصده ولو بعد حين، ايقنت تماماً أن رزقك لن يسبقك أحدٌ عليه، وأن المودة مسكن، والاحسان عزوة. وجدت ان ليس كل العدوى مرض، فالفرح معدٍ وكذلك الطموح وحب الخير. تأكدت ان السعادة تتكاثر ان تقاسمناها، ووجدت أن الحزن مناعة للطيبين، وأن لا رأس مال كالمعرفة، ولا عزوة كالخبرة، وأن لا صديق كالأمل، وان كل أمنية متاحة إن لاحقناها.
سيحبك الناس ولكن ليس كأمك، سيتمنى الكثيرين لك النجاح ولكن ليس كأبيك، ستعرف ان الاخرين رائعون لو تفهمتهم وأدركت حروبهم المضنية، وأن الغفران مكسب على الحالين، ولا شيء أكثر تأثيراً من اللطف، وأن لحظات الفرح ان لم تأتك (اسرقها) وأن لا خسارة الا إذا استسلمت، والهزيمة الحقيقية هي ان تكون فارغاً، وان تاريخك يملك زمامه مستقبلك، وأن الأُنس لا توفره المادة بقدر استعداد القلب، والفوز محكوم بالهمة، ولا ضوء كالبشاشة.
اغتنم الوقت كأن القدر اعطاك فرصة العيش للمرة الثانية، وان السعي واثقاً أمتع من الوصول، وكن أطيب ما يكون وحذاري ان تخبر احداً بذلك، وأترك شيئاَ دائماً يُستفاد منه لتجد في طريقك الفائدة، ولا تنصح قبل ان تشعر، وأن ترتيب بيتك اولى من اصلاح الشارع المقابل، وأن بقاءك مرهون بقدرتك على ملائمة التغير، والتجاهل أنفع من العتب، وأن الاعتراف بالمشاعر الطيبة للأخرين علاج غالي القيمة دون تكاليف.
وها انا أسوق لك هذا الاعتراف آمل من الله ان يمتعك بصحتك وان يبارك لك عمرك وان يزيد في رزقك، وان يكتب لنا ولكم الخير والصواب بكل أمورنا ويخلق لنا من بعدها الراحة والطمأنينة اللي تملأ دواخلنا رضا”. محبك احمد الفاضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى