ما تمنيت أن أشاهد ذلك المشهد الذي تسلل من نوافذ برامج التواصل الاجتماعي إلى أعين الناس الذين استنكروا الحدث بكل تفاصيله، ورغم أننا لم نعرف أسبابه ولا تداعياته الحقيقية إلا أن سلوك ذلك الشخص الذي انفلتت أعصابه من قيود النظام والاحترام، وضاقت بتصرفه قيم السلوك السوي؛ ليعتدي بكل حواسه وجوارحه على هيبة شرطي يقف خادمًا لضيوف بيت الله الحرام.
إن ذلك المشهد (المؤلم) العالق في الذاكرة
– وإن تعاملت معه الجهات المختصة في حينه
– إلا أنه حدث يتكرر في دوائر حكومية أخرى
وبطرق مختلفة يكون بطلها مواطن يعتدي على
موظف أو طالب يضرب معلمه أو طبيب يُهينه
مراجع وتُضبط مثل تلك الحالات دون عقوبات رادعة لمرتكبيها؛ لتنتهي بمحضر واقعة والتحقيق والتعهد الخطي أو صلح عرفي لتطوى ملفات القضية في طي أرشيف النسيان بتوقيعات التنازل من جميع الأطراف.
وإذا ما نظرنا بتأمل لدواعي تلك الحوادث
وإن قلت لوجدنا أنها تجد الأرضية الخصبة لتنفتح الأبواب على مشكلة تنتهي بحادثة مؤلمة…ومن تلك الدواعي التي يتبناها الموظف: ضعف ثقافته بفهم أساليب الحوار، واستخدامه الخاطئ للسلطة، وتعطيله لمصالح المراجع، والتعامل بانتقائية في تطبيق النظام، الرد الاستفزازي، والتهديد
والتطنيش والتعقيد والفوقية…الإجحاف
والظلم والمماطلة…وتقديم الواسطة على الآخرين.
لكننا لن نظلم الموظف بجعله السبب في جميع الحالات؛ لأن الكثير منها سببه المواطن: بعصبيته وطيشه، وعدم احترامه للنظام، وبحثه عن مستوى خدمة أعلى، ونظرته الدونية للموظف، وتخيله أن الموظف يتعمد تعطيله، ويفرض عليه النظام دون
غيره…ضعف وعيه بأنظمة المؤسسة…ضغوط اجتماعية وأسرية.
مع حصرنا للمسببات الرئيسة لنشوء المشكلة بين المواطن والموظف…نحن بحاجة إلى أن تعلن كل جهة أنظمته وتنظيماتها على كل الوسائل المتاحة، وتبرزها لكي يتسنى للجميع معرفتها والتقيد بها، وكذلك على الجهات الرقابية متابعة عمل المؤسسات الحكومية والخاصة لرصد الحالات والأدوات التي لاتخدم جودة العمل، وعلى كل جهة إقرار نظام معاقبة كل من يعتدي على موظف بالتنسيق مع الجهات المختصة وتنفيذ ما يصدر من أحكام.
وتتحمل المؤسسات تأهيل وتدريب موظفيها
للتعامل مع المستفيد بحكمة وصبر وحسن
معاملة واستخدام الألفاظ المحببة واستقباله
بتعابير جاذبة…وتقديم الخدمة له بكل يسر
وسهولة وعدم الدخول معه في حوار عقيم
أو مناقشته بجدال جاهل.
والمأمول من الجهات الأمنية الحزم والصرامة؛ للحد من تلك الحوادث وتطبيق الأنظمة على كل مرتكبي المخالفات، وتطبيق العقوبة القانونية على كل من يرتكب جريمة بحق موظف، وهو يمارس عمله…ما أحوجنا لتفعيل اللوائح القانونية لحماية الموظفين سواء من المدنيين والعسكريين ليمارسوا أعمالهم ويؤدون مهامهم في ظروف آمنة.