أنا المحبوبة السمرا وأجلى في الفناجين
وعود الهند لي عطر وذكري شاع في الصين
ما أروع أن تستيقظ على رائحة القهوة الزكية. مع كأس من الماء البارد، وأي شراب ألذ من القهوة، وأي فنجان مدلل يسحر اللب إنه هو فنجان القهوة. فالقهوة السمراء تطرق الأبواب كل صباح وتفتح لها الأبواب والنوافذ والعيون، وتنشط لها الأعصاب، ويهيأ الإنسان بعد شربه القهوة لاستقبال يوم جديد حافل بكل شيء جديد.
قيل قديمًا: إن القهوة سميت هكذا لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تذهب بشهوته وتشبعه، وتخلق لديه عادة المداومة على تعاطيها وشرابها.
والقهوة عند العرب تمثل رمز الضيافة والكرم، وهي بمثابة المشروب الرسمي لديهم ولا زالت في الحقيقة حتى وقتنا الحاضر تمثل ذلك الرمز. وقد اهتم شعراؤنا العرب بالقهوة وصانعها ووصفوها في قصائدهم، وسطروا فيها الأبيات الكثيرة، ووصفها الكثير من الشعراء ووصفوا الأواني التي يتم فيها تحضير القهوة وبعض أوانيها مثل النجر والمحماس والدلة والمبرد والفنجان، وما ذكرت القهوة إلا وذكر معها (المهباج) وهو آلة طحن البن ودقه، ورغم التقدم إلا إن المهباج لا يزال يمثل مكانته في (المضافات) العربية. وتعتبر القهوة لدى الشعراء ضربًا من ضروب المباهاة والتفاخر.
وللحديث عن شجرة البن لا تكفي عدة صفحات لما لهذه القهوة من مكانة في نفوس الكثير من المجتمعات، إنها القهوة العربية عنوان الضيافة والكرم مما جعلها تستهلك بشكل كبير في كثير من بلدان العالم فهناك قصص وروايات كثيرة تحكي قصة اكتشافها وأماكن زراعتها وعادات كل بلد في صنعها وكيفية شربها.
فشجرة البن يمتد عمرها إلى عشرين عامًا، وتنتج في السنة ثلاث مرات وتنمو غالبًا في المناطق الاستوائية؛ وخاصة في الأراضي البركانية وهناك بلاد كثيرة، يزرع فيها البن في وفرة وهي الحبشة واليمن والمكسيك واندونيسيا والبرازيل التي تعتبر أكبر وأوسع بلد منتج ومصدر لهذه القهوة بمختلف الأصناف والجودة في الكثير من بلدان العالم اليوم.
وتطبخ القهوة البن بالماء المغلي لفترة من الوقت، وبعد الغلي يضاف إليها الهيل، ثم تترك لعدة دقائق من الوقت وبعدها تقدم إلى الضيف في الدلة بنكهتها الفريدة وطعمها المميز. ولا نجد أمة من الأمم تتفنن في طريقة تحضيرها وشربها كالعرب. ففي مصر والسودان يتفننون بإضافة التوابل الكثيرة للقهوة كالقرنفل والقرفة والزنجبيل والفلفل الأسود، وفي السعودية وأقطار الخليج العربي وبلاد الشام يفضلون شرب القهوة ممزوجة بالهيل، وتشرب القهوة عند العرب إما سادة أو على الرائحة أو وسط بإضافة القليل من السكر إليها، وهذا النوع يقدم بالفناجين، أما النوع الثاني فهو لا يحتمل المحكية ولذته في مرارته ويقدم في (الدلة) يطوف بها حاملها على الحضور تباعًا.
ولأهمية الدلة فهناك طقوس لشرب القهوة؛ حيث انتشرت صناعتها في الدول العربية وخاصة دمشق وحلب والعقبة ومدن المنطقة الشرقية بالسعودية، ولأهميتها وضعت في أعظم المتاحف.
ولشرب القهوة آداب وتقاليد عند العرب ولا يجوز تقديمها للضيف فور دخوله إلا مقرونة بعبارة (أهلاً وسهلاً) وإلا فسرها الضيف ومن معه استعجالا لانصرافه، ويعتبر هز الفنجان بعد الانتهاء من شربه علامة الشكر والامتنان وإعلان عن الكفاية من شربها، وإلا لن يتوقف الساقي عن صب القهوة للضيف.
والقهوة عند العرب هي واسطة المطالب وتقديمها، فإن كان لأحد مطلب يمتنع عن شرب القهوة حتى يلبى طلبه، فالقهوة هي كلمة العربي.
والبدوي في صحرائه كانت ولازالت القهوة ملازمة له كأهم حاجاته الضرورية، فهي شراب طهور لنفسه ووسيلة دعوة الآخرين لجلسة سمر، وهي من أدوات الضيافة والكرم.
• عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
• عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب.
• سفيرة الإعلام العربي.
سلمت الايادي استاذة وسيلة. روعة وابداع
سلمت يمينك ، ذكرتني بالوالد رحمه الله كم ردد على مسمعنا بيت الشعر الذي ورد في المقال : أنا المحبوبة السمرا وأجلى في الفناجيل . .