يقولون في المثل: “وما ينبأك مثل خبير“، وهذا القول يلامس الواقع إلى درجة كبيرة. فمن كانت له الخبرة في مجال، وكان له فكر يحلل ويستنتج ويقارب وحباه الله باطلاع واسع وثقافة عالية، قبل منه رأي، وأخذ عنه قول، واستسيغت مناقشته، وأدلى بدلوه فيما يحسن.
واليوم، ونحن نرى المجلس الاستشاري في وزارة التعليم يباشر مهامه، وقد تم الاستعانة فيه بأهل الخبرة من معلمين، ووكلاء مدارس، وقادة ميدان، ومشرفين يحدونا الأمل أن يستطيع هؤلاء الممارسين فعليًا لأعمالهم التعليمية مقاربة التنظير بالواقع، ونقل الصورة الحقيقية لا المثالية لصناع القرار؛ لتكون تنظيماتهم وقراراتهم قابلة للتنفيذ، وتكون الحلول المطروحة لتجاوز المشكلات، وسد الفجوات ممكنة وواقعية.
كنت أسأل نفسي منذ زمن بعيد كيف يمكن للمهندسين المعماريين أن يصمموا المدارس دون الاستعانة بمن يستخدمون هذه المباني، ويعانون من طبيعتها العمرانية التي قد لا تتناسب واحتياجات الطلاب والمعلمين والقادة !
كيف يمكن للوزارة أن توفر لوازم المباني وأثاثه دون رأي المستخدمين لهذه المستلزمات ؟
كنت أقول ولا زلت أن توزيع الطلاب في قاعة الدرس عمل يتقنه المعلم لا القائد ولا المشرف التربوي.
ولا زلت أصر على أن جميع مكونات المدارس من مبانٍ وتجهيزات، وأثاث، ووسائل يجب أن تكون بالمواصفات التي تقترحها أسرة المدرسة والطلاب، فهم أدرى باحتياجاتهم وأعرف بما يناسب مدارسهم وطلابهم.
هذه بعض الأمثلة البسيطة على أهمية رأي الممارسين للعملية التعليمية المستمرين في أعمالهم والملامسين للواقع، وليس المبتعدين عن الميدان من سنوات.
وعلى الزملاء في المجلس الاستشاري أن يستشيروا زملاءهم وطلابهم وأولياء أمورهم وقادة الميدان، وكل من له علاقة مباشرة بالحركة التعليمية فأهل مكة كما يقولون أدرى بشعابها.
ومن ثم عليهم مسئوليات جسيمة أن يبحثوا عن الحلول التي تدفع بالعملية التعليمية للأمام وتنهض بها للمأمول والمنشود.
نهضة الأمم ورقيها وتقدمها مبدؤها التعليم، وجميع الخطط التنموية والرؤى المستقبلية ترتكز على التعليم كمفتاح للنجاح، ووسيلة لتحقيق الأهداف العظيمة للبلاد. وأملنا كبير أن يشارك المجلس الاستشاري بدور كبير في تحقيق الآمال المرجوة من تأسيسه والله الموفق ..