تتسابق الأيام على محطاتي، وتتزاحم الأحداث في صدري، وتتساقط الأشياء في أعماقي، وينسج التلبد خيوط بيته في أرجائي، وتشعل النيران من حولي، أتساقط في حيرتي وأتنهد طويلًا باحثًا عن المعنى المخبوء الذي يسكنني، فكل التفاسير في حينها تستحيل إلى طلاسم مدهشة.
قد تقرأ كتبًا أو مؤلفات أو حتى الصحف، ولكن قراءة الحياة تحتاج إلى بصيرة تنطلق من قلبك لتأخذك إلى تفسير غياهب الحياة.. ففي الكون دروس وعبر قد تفهمها الآن، وقد تمضي حياتك في فك أسبارها، وتحليل خيوطها المتشابكة بكل معاني الأسئلة التي تخلو من إجاباتها الشافية.
“كان الله في عون الشباب” جملة أرددها دائمًا، وأعنيها بكل حذافيرها؛ فنحن الشباب نصاب كثيرًا بقلة الوعي تجاه الكثير من الأحداث سواء لنا أو من حولنا، فنبحث عن المخلص، أو نظل نسكن في باحات الحيرة والوهم.
حروب نعيشها؛ تبدأ من حرب تطويع النفوس المتصارعة في أعماقنا، وتمر بحرب الهويات المتعددة التي قد تقودنا نحو الاتساع، أو تزيدنا شتاتًا وحيرة. وتتنوع الحروب والمعارك حتى تصل إلى معركة البحث عن تحقيق معنى لنا في الحياة.. وما بين تلك الحروب تتفاقم جروح، أو تشفى أخرى بقوة الركض، وانسجام النسيان.
تلقي الحياة عليك القصص في كل مكان؛ تسمعها في أصوات الناس، وتراها في تصرفاتهم، أو تصادفها في حكاياتهم؛ بعضها يوضح لك ما غاب عنك، وبعضها يزيد شتاتك.
أنت تعيش في أعماقك وتحارب لتحقق ذاتك، تعيش في شأن كل يوم مع شخصياتك، وتواجه في صمت تنوع ابتلاءاتك التي تبحث فيها عن فك طلاسم حياتك. أحيانًا تشعر بالوقت، وفي أوقات أخرى تضيع منك اللحظات حتى لو أمعنت النظر في ساعتك.
تركض في متاهاتك؛ تضحك هنا، وتصمت هناك، تواجه الواضح والمختفي، تقابل الثابت والمنتفي، تلتقي بمن تعرف ومن لا تعرف، تقابل الأقنعة والحقائق، تجد من يشبهك، وتصادف من يضحك لك أو يعبس في وجهك، هذا كله لا يهم؛ المهم ان تجد ذاتك في زحمة الحياة.
تبحث عن بقايا وجهك في المرايا، أو في صفاء ماء البحر، أو في صورك المبعثرة في وسائل التواصل، تبحث في صورك عن نفسك، عن بقاياك، ثم تلملم أرجاءك، وتأخذ أفراحك وأحزانك، وتترك حيرتك في الداخل، وتحطم جميع المرايا لتخرج بثوب جديد مبتعدًا عن جميع انكساراتك.
حكمة المقال:
يتألم الكاتب ليكتب.. ويقول: (تبرأت من حولي وقوتي، واستعنت بحولك وقوتك يا ربي فوضت أمري اليك).