المقالات

مسألةٌ في الشعر

مسار

يقول “بوشكين” شاعر روسيا العظيم وأمير الشعر فيها في القرن التاسع عشر:
“إن الشعر يكشف حقيقة الحياة، وإنه يمتلك العلاقة الخفية للمجتمعات الحية” انتهى.

وإن كان الشعر، هو نواة المجتمعات الحية، التي تصنع لحظة التوهج الإنساني الخالد والأفكار النورانية التي تلامس عقولنا، وأرواحنا لأننا في هذه اللحظة، قد خرجنا من عباءة المعتاد، والمتكرر، والبارد من الشعر إلى فضاءٍ رحب وسماوات متتالية من الإبداع، والجنون الإنساني الخلّاق الذي يرسم الزمن البهي، ويُلبس الأرض خصوبة النماء، والحياة والثقة بالنفس والعقل البشري.

إذًا أقول: “ومن وجهة نظر شخصية” إن زمن الشعر التقليدي المنظوم قد انحسر بكل صوره المرتبطة بإيقاع الحياة اليومية المعاشة في تلك الفترة، وإنه أصبح إرثًا من الماضي له فضل التأسيس، ولكن، وفي نفس الوقت نستطيع أن نقول عنه إنه غير مناسب لثورة وسرعة التواصل الإنساني في هذا العصر ثقافيًا وتقنيًا؛ لأننا نعيش في زمن مختلف؛ حيث تنتقل المعلومة والصورة بين أركان الأرض بسرعة الضوء بكل ما لها وماعليها، وبكل دائرية حركتها اللغوية؛ حيث تأخذنا نحو استشراف المستقبل الذي لا نعلم ما يخبئ لنا في غدنا القريب والغريب.

وهنا وفي هذا المفصل التاريخي من الحضارة الإنسانية نبتعد عن واقع الشعر المتعارف عليه، وأنه “شعور” “وإحساس” و”كلام ” “مقفى” “موزون”؛ حيث إن الشعر الحديث هرب اختياريًا عن القصيدة المجمدة في بنائها التقليدي الجاف المحنط، واتجه إلى الأفق المرتبط بالفكر، والعقل، والصورة، والمفردة، والهم الإنساني اليومي المعاش كطرقٍ على تفاصيل قضايا الإنسان في كل مكان، ونسى ذهنية المتلقي القديمة تلك التي تخاطب الغرائز، التخفي من رعب الرقيب، وسطوة بعض النقد الخامل الذي يتدفأ على نار المبدع كإرث من الماضي.

إن المبدع الحقيقي “كائن” إنساني مسالم يسكنه الإبداع، وهم الإنسان في جوف جفاف المعاناة أينما وجدت ليس من حق أي كان مصادرته أو قولبته كما يحب ويهوى واعتسافه لمدرسة شعرية معينة.
نطلب فقط ترك المبدع يتمدد في ملكوت إبداعه دون وصاية وأستاذية مقيتة يمارسها البعض بطريقة سمجة.

شاعر وإعلامي

رئيس منتدى عبقر الشعري بأدبي جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى