خلال زيارتي لمعرض المبادرات المشاركة في مركز (ردسي مول) بجدة، توقفت أمام ركن إدارة مرور جدة، متأملًا ومتعجبًا، متأملًا لإبداع قد ظهر، ومتعجبًا لخطوة لم تكن معروفة من قبل، فقد اعتدنا حتى وقت قريب على أن الخدمات المرورية منحصرة في إصدار الرخص، وتنظيم حركة السير، وإصدار المخالفات. ولم يكن هناك اهتمام ببعض فئات المجتمع خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو ما يعرفون اليوم بأصحاب الهمم، وقبل أعوام ليست بالبعيدة بدأ الاهتمام بهم بشكل ضئيل. وفي مرور جدة، وبعد أن تسلّم العميد سلمان الجميعي بدأنا نلمس تحولات نحو الأفضل، فأصبحت الأفكار تتحول لأفعال فظهرت الإبداعات، وجاء ذلك بتوجيه من مدير عام المرور اللواء محمد البسامي فكانت فكرة الاهتمام بالصم داخل إدارة مرور جدة خطوة عملية لم نعهدها من قبل.
وبالعودة لمشاهدتي بجناح مرور جدة، لاحظت أن المرور لم يشارك بصور لأعمال قدمت، أو لوحات توعوية كتلك التي كنا نراها في معارض أسبوع المرور، أو في الشوارع والطرقات، لكن مشاركته كانت بطرح أفكار تطويرية، وكوادر مؤهلة تحاكي الواقع، ولا تتهرب من السؤال، فكان إعجابي بما قدمه الرائد حسين الوادعي، من شرح جيد لمجموعة من الزوار بلغة الإشارة، وتقبله لكل سؤال يطرح من أصم بلغة يتقن التعامل معها، وهو كما علمت لاحقًا أنه تعلّم لغة الإشارة من المدرب ولأنه ابن الصديق الغالي العميد متقاعد محمد صالح البركاتي، فكان نعم المدرب والمتدرب، أجاد الاثنان فظهر الإبداع وأشرعت الأبواب لتطوير الخدمات. وأملي أن نعمل على دعم مبادرة مرور جدة، فهي خطوة أولى لخطوات قادمة، ومثل هذه الأفكار لا تحتاج سوى الدعم المعنوي القوي لتواصل طريقها للتنفيذ، وتفتح المجال أمام أفكار أخرى، لتكون الخدمة أفضل للجميع، وينال الصم حقهم كمواطنين نتشرف بهم.