لكل عمل أدبيات وبرامج، أقرتها اللوائح والأنظمة المتعارف عليها في العمل الجماعي، والتي من أهمها تقاسم المسؤوليات والمهام، بلا مركزية إدارية عقيمة، لا سيما بل من الأولى أن يكون كذلك، في حال أن تلك المنشأة تخص فئة من الناس، الذين هم شركاء فعليون في نتاجها ومنافعها، وبالعودة لمقال سابق عنوانه (هل أنت قائد أو مدير)، على هذه الصحيفة التي أكن لها احترامي، سطرت فيه بعض الفوارق بين أن تكون مديرًا أو قائدًا ناجحًا، تحسن التعامل مع من يشار إليهم في المدرسة الإدارية العقيمة بالمرؤوسين، والذين هم من وجهة نظري الشركاء الفاعلين في إنجاح أو فشل تلك الشراكة المؤسساتية؛ حيث تذوب فيها المصالح الخاصة نحو الارتقاء بالمصالح العامة، بل وجعلها من قداسيات العمل المناط بتلك المنشأة، فيما تقدمه من خدمات جليلة، محل أنظار ومتابعة ثاقبة من جميع الجهات المعنية في الدولة حفظها الله، والحرص على نشر الألفة بين مسؤوليها، وكذلك ذكرهم في المجالس والمنتديات بأجمل الأوصاف وأحسنها، وإن كانوا غير ذلك نتيجة نقاشات واختلافات في وجهات النظر، التي عادة ما تتلاشى في أروقة النقاشات، في ديموقراطية أقرها لهم الشارع لتلك المنشأة، بخلاف ما عليه البعض من إداريي هذا العصر الذين آثروا المدرسة التقليدية في إدارة المنشآت، بما يجعلهم أقرب إلى صفة الرؤساء أو المدراء، الذين عادة ما يكونون متسلطين متمسكين بقراراتهم التي يعملون جاهدين على تسويقها بين مرؤوسيهم، لتحظى بالقبول وبلا تحفظ يذكر من المستضعفين منهم مجازًا، مستغلين بذلك انشغال بعض المتواطئين معهم، المعتقدين بأن لهم الفضل في تلميع صورهم لدى القيادات المسؤولة، ذات السلطة النافذة على تلك المنشأة، وعلى النقيض من ذلك هؤلاء الذين ألصقوا بهم صفة المشاغبين، ليس إلا لكونهم لم يتوافقوا مع مصالحهم الشخصية ذات النرجسية والأنا الفائقة الحدود، لما يحمله هؤلاء المدراء من فوبيا متأصلة في ماضيهم الوظيفي، من البقاء هامشًا في ظل الهرم والفلاشات، التي يحرص أصحاب المدرسة التقليدية العقيمة في الإدارة، الجري خلفها متقمصين دور تلك الشخصية الكرتونية للبطل الخرافي الأدوار (سوبرمان)، والتي تعرضها شاشات التلفاز في سلسلة متوارثة من الماضي وحتى عصرنا الحاضر، مع فارق أنها أصبحت بالألوان والصبغات التجميلية الملفتة لأنظار بسطاء العقول، بعد أن كانت بالأبيض والأسود في بدايات العرض التلفزيوني، والتي لا تزال عالقة في أذهان غالبية من عاصروها في تلك الحقبة الزمنية، وبكل أسف تحرص تلك الشخصية الكرتونية على اللعب بالمشاعر والأحاسيس المغرية لمن يتابع أدوارها الهزلية الخرافية المبالغ في مجملها، إذ ليس من المألوف قيامها بكل الأدوار الوظيفية على مدار الساعة، متجاهلين بقصد أو غيره، فريق العمل في تلك الدائرة، ليس عن معرفة فائقة ولكن هي فوبيا متلازمة في دهاليز حياتهم الوظيفية السابقة، والمؤثرة بالتأكيد في توجهاتهم وانتماءاتهم الحالية المتشبعة بالمدرسة الإدارية العقيمة، ليكونوا مدراء يعشقون قيل وقال، وفرّق تسد، وأنا الوحيد والباقي تقليد، المتلذذين في التدخل في شؤون واختصاصات اللجان والإدارات المكلفة بمهامها بالإجماع، حفاظًا على مصالحهم الدنيوية الزائلة، وليظلوا متربعين على كراسيهم، يحرصون على إعطاء أنفسهم المتشبعة بالأنا صفة الصدارة، بالعمل من خلال لوبيهات يصطنعوها لأنفسهم لتمرير أو إضافة قرارات، توسع من شعبيتهم الزائفة، التي ما تلبث أن تتلون تهربًا من المسؤولية، عند الإحساس بعدم تقبل رأي ما أو فكرة، هم مؤلفوها ومخرجوها المسرحيين، لذلك يحرص أصحاب تلك الشخصيات المتأثرة بفوبيا التهميش المتشبعة في ماضيهم الوظيفي والمتلازمة لهم، على تهميش أو إزاحة من يجادلونهم بالحجة، حفاظًا على الصدارة بأنانية زائفة، يخدعون بها من حولهم من البسطاء المتغافلين عن فصول مسرحياتهم ومشاعرهم الهزلية، ليس حبًا وإنما تبادل أدوار يكون بعضهم فيها أشبه بما يسمى في مجال الفن “كومبارس” لفتافيت مهام يمليها عليهم المخرج المسرحي، ومن وجهة نظري المتواضعة، يجب على من يتولون مناصب قيادية، التخلص من طاقاتهم السلبية السابقة، والحرص على أن يكونوا قادة يلملمون ما يتبعثر من الحروف أو حبات اللؤلؤ في ذلك العقد الفريد، المشارك في نجاحات متتالية شهد لها الجميع، ليؤلفوا بها منظومة شراكة ناجحة تسر الناظرين قبل السامعين، مع التأكيد التام على احترام التسلسل الوظيفي الهرمي، إذ من الضرورة أن يكون لكل سفينة تبحر وتواجه أمواج البحار والمحيطات، قبطان واحد يكن له الجميع الاحترام، مع التأكيد على عدم تجاهل حقوق الآخرين، ولنا في قصص النمل عبرة يا أولي الألباب، هي خواطر أستعيد بها حبر قلمي بعد انشغال، أختتمها بالصلاة والسلام على النبي محمد وآله وصحبه..
https://www.makkahnews.sa/articles/4922842.html