المقالات

أبشر .. الإبداع في إدارة المعرفة

تحيط بنا البيانات من كل حدب وصوب، في بيوتنا، شوارعنا وفي جميع الكيانات (وزارات، وهيئات، وشركات، ومؤسسات).

هذا الكم الهائل من البيانات لا قيمة له، ويظل أرقامًا أو حقائق مجردة لا جدوى منها إذا لم يتم التعامل معها لاستخراج المراد منها، فما الفائدة إن عرفنا أن كيانًا يوجد به مهندسون أو مدينة فيها مصانع دون تصنيف وتحليل لتخصصات المهندسين ومجالات التصنيع؟ 

هذه (البيانات) حتى يستفاد منها، لابد من جمعها وفرزها، ثم تلخيصها ليبدأ المختصون فيما بعد مرحلة تحليلها وتنظيمها في إطار معين ينتج لنا ما يسمى (بالمعلومات) التي يعتبر الحصول عليها إنجازًا بلا شك، ولكن من يمتلك المعلومات دون أن يستخدمها يصبح (كمن يحمل على ظهره أسفارًا)!.

المعلومات تحتاج معالجة احترافية من القادة داخل الكيانات لصياغتها، وربطها فيما بينها ومشاركتها مع أهل الخبرة، ومن ثم الحصول منها على (مخرجات) متنوعة تسمى عند أهل الاختصاص (بالمعرفة).

عمليّات معالجة البيانات والمعلومات التي تتمّ داخل الكيان، بداية من مرحلة الجمع ووصولًا للمحصلة النهائية، واستخدامها، وتنظيمها، ثم مشاركتها مع الآخرين حسب الحاجة والتخصص، واستخدامها في إعداد وتنظيم إجراءات الأعمال المختلفة، واتخاذ القرارات، وحلِ المشكلات، يطلق عليها (إدارة المعرفة) أو

(Knowledge Management).

هناك العديد من الأهداف وراء سعي الكيانات لاستخدام أفضل الأساليب التقنية لإدارة المعرفة، ومن تلك الأهداف على سبيل المثال لا الحصر زيادة مستوى الفعالية التنظيمية وتوفير الوقت والمال للمستخدمين وتعزيز الإنتاجية، ودراسة التجارب والمشاريع السابقة واستخلاص الدروس المستفادة منها لتفادي المشاكل في الأنشطة، والمشاريع المستقبلية.

إن عدم الاستفادة من المعلومات هو ما عطل كثيرًا من المشاريع التنموية في بلادنا، وأربك العديد من البرامج الوظيفية والتدريبية، وتسبب في هدر الموارد الاقتصادية، وأدى بشكل غير مباشر للفساد إداريًا وماليًا.

وفي وسط هذا (الهدر المعلوماتي) في كثير من الجهات الحكومية تحديدًا، يبرز لنا (نظام أبشر) الذي يعتبر من الأمثلة الرائدة على التطبيق الفعال لمفهوم (إدارة المعرفة)؛ حيث يربط هذا النظام بيانات ومعلومات عدة جهات حكومية (الجوازات والأحوال المدنية والمرور والعدل والإسكان…إلخ)، ورغم حساسية المعلومات وتباينها (من جهة حكومية لأخرى) إلا أن الفِرق المكلفة بالمشروع تمكنت من معالجة وتصنيف وتطوير (المعرفة الناتجة)؛ حتى أثمرت عن تقديم أكثر من 100 خدمة إلكترونية يحصل عليها المواطن الذي صار ينجز معظم أعماله إلكترونيًا (نهارًا أو ليلًا) دون أن يغادر منزله أو مكتبه، مما قلل هدر الوقت، وساهم في تقليل حركة المرور، وألغى تلك الصفوف الطويلة المتزاحمة أمام مكاتب الموظفين.

لم يكن (نظام أبشر) مبدعًا في التنفيذ فقط، بل ساهم في غرس مفهوم آخر تقاعست العديد من الجهات (الحكومية، بل وبعض التجارية أيضا) عن اتباعه لمواكبة أساليب الإدارة التقنية، ليأتي هذا النظام ويدعم بهدوء تطبيق مفهوم  (مكتب بلا ورق)

(Paperless Office) 

 حيث ألغى كثيرًا من الإجراءات الروتينية والبيروقراطية وأقنع المعارضين لهذا المفهوم بعدما كانوا حذرين متمسكين بالإجراءات الورقية والمراجعات المكتبية.  

ومما يسجل أيضًا للقائمين على (نظام أبشر)، خطتهم الإستراتيجية وتنفيذهم الأمني التقني؛ حيث *لم يسجل (النظام) أي اختراقات أمنية للمعلومات أو الأمن السيبراني*، في الوقت الذي ينقل لنا العالم أخبارًا عن توقف  خدمات أجهزة أمنية (لبعض الوقت) واختراق بعضها الآخر والتلاعب بمعلوماتها كما يقال عن انتخابات بعض الدول الكبرى.

ولازالت الطموحات كبيرة؛ لتطوير هذا النظام وغيره من خدمات الحكومة الإلكترونية حتى نتمكن من تحقيق أهداف رؤية  2030، ومنها تحسين مركزنا في مؤشر الحكومات الإلكترونية والانتقال من مركزنا الحالي(۳٦) إلى أحد المراكز الخمسة الأولى بإذن الله.

ختام

رحم الله امرأً أهداني عيوبي! 

تبقى (خدمات المرور) في نظام أبشر هي الأقل تطورًا بين نظيراتها، إذ إنه حتى تاريخه *لم يتم معالجة موضوع الاعتراض الآلي على المخالفات المرورية*، ونأمل من القائمين على هذا النظام تأمين الحل التقني لهذه الاعتراضات والتي تكلف المواطنين آلاف الريالات (بعد تراكمها).

Related Articles

2 Comments

  1. خدمه القران لكي يحبه الناس اكثر فيقبلون عليه من خلال انشاء جديد متطور يدعو لقراءته من خلال صفحاته مثلا القران الكريم بين افضل الاوان صفراء تسر الناظرين واخضر سندس ومن فضه ولولو ي وذهبي هذه اجمل الاوان في القران هل يمكن الكتابه بلون فضي او اصفر فاقع مثلا وغلاف فضي وايجاد نوع ثاني غير الاخضر المعروف ايضا بجمال يعني والوان مريحه للنظر وعمق المحبه للقران يعني يصور عمق كبير لمحبه القران من خلال رسامين احترفوا التربيه الفنيه يقومون باعداده لان الفن دراسه اعماق جميله للقران

    1. أخي الكريم.. لا شك أن خدمة القرآن أمر عظيم. لكن التعليق لا علاقة له بالمقال. تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button