حمد الكنتيمقالات القراش

عندما تتماهى مع الحياة!

يركض الناس على مناكب الحياة، يبحثون عن المعنى التائه في جميع خطواتهم، يبحثون عن الجزئيات المفقودة في جزئيات ذواتهم، ويلملمون شظاياهم وانكساراتهم وضعفهم وحيرتهم؛ يلملمون كل هذه البعثرة في قالب واحد يشكل تلك المرآة التي يرون فيها تجاعيدهم المرهقة.

تأخذ سرعة الزمن منا تلك السكينة التي يجب أن تسكننا، ونحن نتأمل تسارع الأحداث من حولنا التي يجب أن نضع أيدينا عليها لكي تهدأ! فثورة الأسئلة تبحث في أعماقنا عن إجابتها المؤجلة.. وتلك الأحزان التي تزورنا بين الفينة والأخرى تغسلها أفراحنا المؤقتة.. أما المعنى المخبوء فينا فهو أفعالنا التي نُطل من خلالها على نافذة الحياة.

تتزاحم من حولنا الساعات والأيام والدقائق الحبلى بالأحداث التي لا ندري هل هي محسوبة لنا أم ضدنا؟ لا ندري هل نتاخم فيها الحقائق أم نسكن في الأوهام؟ نحاول أن نقرأ فيها ما خلف السطور! نحاول أن نفهم آفاقها المبهمة! نحاول أن نستوعب المساحة بين المثير والاستجابة، بين الحدث وردة الفعل، بين الآن والماضي، بين الحاضر والمستقبل، بين الظاهر والمؤول، بين الأحلام والحقائق، لنقارن كل ذلك بجميع تلك المعاني التي نطبقها على أرض الواقع.

في داخلنا زحمة كبرى، فينا عوالم متناثرة تتلاقى بين الخير والشر، بين العقل والقلب، بين وهم اختياراتنا وحيرة قراراتنا، بين تفردنا وتبيعتنا، بين انتمائنا وهويتنا، بين أرواحنا السامية وطينيتنا السفلى، بين طموحتنا الممكنة والمستحيلة، بين أفكارنا الجائزة والغريبة، بين أخطائنا التي ترشدنا نحو الصواب، بين خطايانا التي تذهب بنا نحو الفضيلة.. وبين هذا وذاك نحاول دائمًا أن نبسط معانينا الحقيقية على كل ذلك.

نبحث في أعماق الأسئلة عن المرشد؛ الذي يمكن أن نراه في انعكاسات حياتنا، أو في رسالة لم تضل الطريق، أو في وميض يصيب الجسد بالقشعريرة لتنهمر الدموع، ويمكن أن يغشانا في لحظة إيمانية فالله لا يترك عباده أينما كانوا، فهو القريب الذي يسكننا ويبادلنا المحبة سبحانه وتعالى.. فمن أولنا إلى أقصانا ترتبط كل معانينا بتسخير اللحظة في كل الاتجاهات المناسبة.. ويمكننا قبل ذلك كله أن نسافر في أعماقنا لنفهم ماذا يحدث بالضبط، وحينها سننطلق من قلوبنا الصغيرة نحو الحياة بكل معانيها المليئة بالحق والخير والجمال.

حكمة المقال:

وتزعم أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر (علي بن أبي طالب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى