فايز العرابي

قيادات فوق العادة

مواقع كثيرة، سمقت فوق عرشها قيادات إدارية مؤثرة، بقيت مسيرتها في التاريخ عبر الأيام خالدة، نقلب صفحاتها كلما مرت بنا الذكريات على أطلال تميزها، وحينما نجد أبواب مكاتب بعض رؤساء ومديري الدوائر الحكومية المدنية أمامها حراسات تمنع دخول طالبي الخدمة الذين وقفت (البروقراطية) في طريق تسهيل خدمتهم من مقابلة المسؤول نشعر بأننا نعود إلى الوراء كلما تقدمنا في مسيرة التطوير.

ولعلي أعطي أولئك المتشبثين بمقاعد العظمة في المكاتب المحجوبة عن المجتمع نماذج فذة اعتلت بعظمتها قمم المجد، رؤساء ومدراء غابوا عن المشهد، لكن شموس عزهم مشرقة، يذهلك حسن استقبالهم وحفاوتهم، وتبهرك رحابة صدورهم، وتعجبك سعة ثقافتهم، ويسرك تواضعهم وحكمتهم، ويبهجك تقديم العون والمساعدة للجميع في إطار الأنظمة بكل يسر وسهولة..أولئك الأبطال الذين شرفوا المكان، وأفنوا شبابهم في خدمة الدين والوطن، وتذليل العقبات التي تقف في طريق المواطن يستحقون الشكر والثناء ولهم منّا كل التقدير والاحترام.

هي رسالة لكل مسؤول في أي موقع أن يفتح أبواب ما أسماه (مَكْتَبه) لزملائه في الميدان وللمواطن والمقيم؛ ليكون قريبًا منهم، ويستمع إليهم ويأخذ بملاحظاتهم، وأن لا يضع في طريق عبورهم إليه الحواجز.

إن سياسة الأبواب المغلقة الحجرية لاتزال معشعشة في أذهان بعض الرؤساء والمدراء المغرمين بوجاهة السلطة والعاشقين لفلاشات الظهور والباحثين عن أجواء الراحة والهدوء.
فليت وزير التعليم يعمم على إدارة التعليم ومكاتبها خطابًا يوجههم فيه بمنع إغلاق أبوابهم في وجه الباحثين عن الخدمة من منسوبي التعليم أو المواطنين والمقيمين، وأن يلغى أي تنظيم يتخذونه ذريعة ليخرجوا به من الاتهام أمام الوزارة براءة.

كان مدير عام تعليم منطقة مكة المكرمة (سابقًا) الأستاذ/ حامد السلمي يستقبل الصغير والكبير في مكتبه ويستمع إليهم، التقيته في أحد الأيام فوجدته يستمع لشكوى طفلة معلمتها (طشت) طعام إفطارها في فناء المدرسة، فرفع سماعة الهاتف ليوجه مساعدته لشؤون تعليم البنات بالتحقيق، وإفادته عاجلًا عن تلك الحادثة.

فما أرقى تلك القيادة التي لا تنشغل بأي شاغل عن تلمس الحاجة وما أسماها من قيادات التي لا تتهرب من المواجهة، كفى بأنهم قيادات فوق العادة .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button