قلم رصاص
قبل بضعة أعوام، زرت مع صديقي مكتبًا مرموقًا في مدينة … يعج بالمراجعين والمراجعات، والكل منهم يحمل بين يديه وعلى “ظهره” “شقى عمره” من الشهادات التي أكل الزمن عليها وشرب.
يبحث كلٌّ منهم عن اللقب الزائف.
أدهشني كرم الضيافة، وحسن الاستقبال ماجعلني أشعر بقشعريرة وتعرّق حتى ظننت أنني في أروقة أرقى جامعات العالم، ولكن ريثما تبدد هذا الحلم، وعدت للواقع حينها وجدت نفسي في عمارة مستأجرة وغرفة لا تتجاوز بضعة أمتار.
وأنا أحتسي القهوة والشاي لفت نظري أكوامًا من شهادات الماجستير والدكتوراه التي تغص بها الرفوف والزوايا والأدراج تنتظر “زبائنها”، والأخرى قد وضعت تحت أقدام الموظف لضيق المكان، وفي اعتقادي أنه المكان المناسب لها.
مازاد دهشتي وحيرتي وحزني في نفس الوقت أن البعض أتى في سيارة “ليموزين”، ألقت به في قارعة الطريق، وترجل منها٬ لايحمل من العلم إلا اسمه ومن الثقافة إلا رسمها، بعدها غادر المكتب المشئوم وهو يحمل لقب “د. شاهد ماشافش حاجة “!.
الأدهى والأمر أننا نشاهد حينًا بعد الآخر ملصقاتهم الإعلانية ومشاركاتهم الإعلامية تارة بحرف الدال وتارة مجردة منه؛ لأنهم لا يملكون الثقة والرضا عن الذات، “بهذه العَملَة المنيلة بستين نيلة”٬
بإمكانك هدم جبل، ولكن ليس بإمكانك إخفاء حطام…
يا تُرى ماذا ترك هؤلاء المزيفون لمن حفيت أقدامهم ونحلت أجسادهم، وفرغت جيوبهم وهم يجوبون ردهات الجامعات ورفوف المكتبات، لإعداد البحوث والاستبانات ومنهجية الرسالة التي نالوا بموجبها الدرجة العلمية المستحقة بجدارة.
سؤال يحتاج إلى إجابة ؟!
إخصائي نفسي ومستشار علاج الإدمان